حَسَنًا بِالِاعْتِبَارَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الشَّرْعِ فَمَوْصُوفٌ بِكَوْنِهِ حَسَنًا بِالِاعْتِبَارِ الْأَخِيرِ فِيهِمَا. اهـ. وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَاخْتَلَفُوا أَيْضًا. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْقَبِيحُ، مَا لَيْسَ لِلْمُتَمَكِّنِ مِنْهُ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَالْحَسَنُ مَا يُقَابِلُهُ، فَعَلَى هَذَا الْمُبَاحُ حَسَنٌ. وَنَازَعَ الْمَازِرِيُّ فِي دُخُولِ الْوَاجِبِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي الْمُعْتَمَدِ ": الْوَاقِعُ عَلَى صِفَةٍ تُوجِبُ الْمَدْحَ حَسَنٌ، وَعَلَى صِفَةٍ تُوجِبُ الذَّمَّ قَبِيحٌ، وَمَا لَا يَشْتَمِلُ عَلَى أَحَدِهِمَا كَالْمَكْرُوهِ، وَالْمُبَاحِ فَلَيْسَ بِحَسَنٍ وَلَا قَبِيحٍ، وَأَصْلُ هَذَا التَّفْسِيرِ مِنْهُمْ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَقْلَ لَهُ التَّحْسِينُ وَالتَّقْبِيحُ، وَالْمُرَادُ مِنْ الذَّمِّ كَمَا قَالَهُ الْآمِدِيُّ الْإِخْبَارُ الْمُنْبِئُ عَنْ نَقْصِ حَالِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ مَعَ الْقَصْدِ لِذَلِكَ، وَلَوْلَا الْقَصْدُ لَمَا كَانَ ذَمًّا. قَالَ: وَقَدْ زِيدَ فِي الْقَبِيحِ مَا يَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ الذَّمَّ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ، وَقَيَّدُوهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ أَصْلُهُمْ أَنَّ الصَّغَائِرَ قَبِيحَةٌ غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ عَلَى فِعْلِهَا الذَّمَّ إذَا صَدَرَتْ مِمَّنْ يَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ. وَأَصْلُ هَذَا الِاخْتِلَافِ مِنْهُمْ يَرْجِعُ إلَى تَفْسِيرِ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ هَلْ يَخْتَصُّ بِصِفَةٍ مُوجِبَةٍ لِتَحْسِينِهِ وَتَقْبِيحِهِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُبَّائِيُّ، أَوْ لَا؟ فَمَنْ قَالَ: يَخْتَصُّ، فَسَّرَهُ بِالْأَوَّلِ، وَمَنْ قَالَ: لَا يَخْتَصُّ فَسَّرَهُ بِالثَّانِي. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute