يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ التَّمْيِيزِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ «وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ مَسَحَ وَجْهَهُ عَامَ الْفَتْحِ» . قَالَ الشَّارِحُ: إنْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ هَذَا عَقَلَ ذَلِكَ، أَوْ عَقَلَ عَنْهُ كَلِمَةً كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ شَيْئًا كَانَتْ تِلْكَ فَضِيلَةً، وَهُوَ مِنْ الطَّبَقَةِ الْأُولَى مِنْ التَّابِعِينَ اهـ.
[اشْتِرَاطُ الرُّؤْيَةِ لِلصُّحْبَةِ] وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِيَدْخُلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَضِرَّاءِ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطْنَا الْإِيمَانَ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَدْخُلُونَ فِي اسْمِ الصُّحْبَةِ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ رَأَوْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمِمَّنْ ذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُمَا، وَصَرَّحَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ حَيْثُ قَالَ: مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ رَآهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَحَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَاشْتَرَطَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ: الْعَدَالَةَ، قَالَ: مَنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ ذَلِكَ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الصُّحْبَةِ. قَالَ: وَالْوَلِيدُ الَّذِي شَرِبَ الْخَمْرَ لَيْسَ بِصَحَابِيٍّ، وَإِنَّمَا أَصْحَابُهُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ. اهـ. وَهُوَ عَجِيبٌ لِمَا قَرَرْنَاهُ مِنْ ثُبُوتِ عَدَالَتِهِمْ الْمُطْلَقَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute