مِثْلَهُ، وَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنَّهُ لَا خَفَاءَ فِي قَبُولِ الصَّحَابِيِّ رِوَايَةَ الصِّدِّيقِ وَحْدَهُ، وَرِوَايَةِ جُلَّةِ الصَّحَابَةِ، إلَّا أَنَّهُ طَلَبَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ مَزِيدَ اسْتِقْصَائِهِمْ لِرَيْبٍ اعْتَرَاهُمْ فِي خُصُوصِ أَحْوَالِهِ، كَإِحْلَافِ عَلِيٍّ بَعْضَ الرُّوَاةِ. اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَثْبَتَ مَنْقُولٍ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ فِي ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ فِي " الْمُعْتَمَدِ " فَقَالَ: قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: إذَا رَوَى اثْنَانِ خَبَرًا وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ، وَإِنْ رَوَاهُ وَاحِدٌ فَقَطْ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يُعَضِّدَهُ ظَاهِرٌ، أَوْ عَمَلُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ بِهِ أَوْ اجْتِهَادٌ، أَوْ يَكُونَ مُنْتَشِرًا. وَحَكَى الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْ فِي الزِّنَا إلَّا خَبَرَ أَرْبَعَةٍ، كَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقْبَلْ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ الْوَاحِدَةِ. اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ رِوَايَةُ الْوَاحِدِ مُطْلَقًا، بَلْ يَعْتَبِرُ مَعَ ذَلِكَ عَاضِدًا لَهُ، وَيَقُومُ الْعَاضِدُ مَقَامَ الرَّاوِي الْآخَرِ. وَهَذَا نَقَلَهُ صَاحِبُ " الْكِبْرِيتِ " عَنْهُ، وَهُمْ أَعْرَفُ بِمَذْهَبِهِ. قُلْت: وَلَا نَظُنُّ أَنَّ مَا نُقِلَ أَوَّلًا عَنْ الْجُبَّائِيُّ هُوَ مَذْهَبُ الْبُخَارِيِّ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ ذَكَرَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ فِي صَحِيحِهِ اشْتَرَطَ رِوَايَةَ عَدْلَيْنِ عَنْ عَدْلَيْنِ مُتَّصِلَةً، أُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَى الْحَاكِمِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ: هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْهُ، وَقَدْ ظَنَّ ذَلِكَ وَلَمْ يُصِبْ. وَأَيْضًا فَذَلِكَ احْتِيَاطٌ مِنْهُ لَا اشْتِرَاطٌ فِي الْعَمَلِ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute