وَرَدَّ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ كَلَامَهُ، وَقَالَ: الْخَبَرُ حُجَّةٌ فِي نَفْسِهِ إذَا ثَبَتَ، وَلَا يَجِبُ عَرْضُهُ، وَلِهَذَا جَوَّزْنَا تَخْصِيصَ عُمُومِ الْكِتَابِ بِهِ. اهـ. وَكَذَلِكَ قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي كِتَابِهِ: قَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى اتِّبَاعَ نَبِيِّهِ، وَالْخَبَرُ أَنَّهُ لَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى عَامًّا لَهُ بِقَبُولِهِ وَاعْتِقَادِ صِحَّتِهِ وَاجِبٌ، وَلَيْسَ يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِلْكِتَابِ، فَهُوَ تَأْكِيدٌ لَهُ، وَإِمَّا أَنْ لَا يُوجَدَ فِي الْكِتَابِ فَهُوَ ابْتِدَاءُ شَرْعٍ مِنْ اللَّهِ، وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: ٧] وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ، وَإِنْ ذَهَبَ عَنَّا وَجْهُهُ. قَالَ: فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إذَا رَوَيْت سُنَّةً عَرَضْتهَا عَلَى الْقُرْآنِ. قَالَ: فَإِنْ خَالَفَتْهُ عَلَى مَعْنَى وُرُودِ الْكِتَابِ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ أَوْ إبَاحَتِهِ، وَفِي السُّنَّةِ النَّهْيُ عَنْهُ، أَوْ حَظْرُهُ، فَهَذَا لَمْ يُوجَدْ صَحِيحًا، إلَّا فِيمَا نَسَخَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ سُنَّتِهِ. قُلْت: وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي " الرِّسَالَةِ " وَقَدْ سُئِلَ عَنْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «مَا جَاءَكُمْ عَنِّي فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، فَمَا وَافَقَهُ فَأَنَا قُلْته، وَمَا خَالَفَهُ فَلَمْ أَقُلْهُ» : مَا رَوَى هَذَا أَحَدٌ يَثْبُتُ حَدِيثُهُ فِي شَيْءٍ صَغِيرٍ وَلَا كَبِيرٍ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ رِوَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ عَنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ، وَعَمَّنْ لَا يُقْبَلُ [عَنْهُ] مِثْلُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي شَيْءٍ. انْتَهَى.
ثُمَّ ذَكَرَ قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا» ، الْحَدِيثَ. ثُمَّ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute