للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شُرُوطُ جَوَازِ نَقْلِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى] أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي عَارِفًا بِدَلَالَاتِ الْأَلْفَاظِ وَاخْتِلَافِ مَوَاقِعِهَا، فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِمَوَاقِعِ الْكَلَامِ امْتَنَعَ بِالْإِجْمَاعِ. قَالَهُ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ ". قَالَ: وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي " الرِّسَالَةِ ": يَجِبُ أَنْ يَرْوِيَ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحُرُوفِهِ كَمَا سَمِعَهُ، وَلَا يُحَدِّثَ بِهِ عَلَى الْمَعْنَى، وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِمَا يُحِيلُ مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّا لَا نَدْرِي لَعَلَّهُ يُحِيلُ الْحَلَالَ إلَى الْحَرَامِ، أَوْ الْحَرَامَ إلَى الْحَلَالِ، وَإِذَا أَدَّاهُ بِحُرُوفِهِ لَمْ نَجِدْ فِيهِ إحَالَةً. قَالَ الْقَاضِي: وَظَاهِرُهُ تَحْرِيمُ ذَلِكَ عَلَى الْجَاهِلِ. قُلْت: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي " مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ ": الثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ مَعَ مَا أَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ سَرَدَهُ. قَالَ الْأَصْحَابُ فَكَأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَحْضُرْهُ حِينَئِذٍ لَفْظُ الْحَدِيثِ، فَذَكَرَهُ بِالْمَعْنَى. وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ نَقْلِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى عَنْهُ، وَقَالَ الْإِمَامُ فِي " النِّهَايَةِ ": يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: صَادَفَ أَوْ قَاصَّ الْغَنَمَ مُجْمِعًا عَلَيْهِ فَلَمْ يَتَأَنَّقَ فِي نَقْلِ لَفْظِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَخْرُجُ مِنْهُ قَوْلٌ بَيْنَ أَنْ يَقْوَى بِدَلِيلٍ آخَرَ فَيَجُوزُ، وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ.

ثَانِيهَا: أَنْ يُبَدِّلَ اللَّفْظَ بِمَا يُرَادِفُهُ كَالْجُلُوسِ بِالْقُعُودِ، وَالِاسْتِطَاعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>