وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ ": مَتَى خَافَ رَاوِي الْحَدِيثِ عَلَى التَّمَامِ أَنَّهُ إذَا رَوَاهُ مَرَّةً نَاقِصًا أَنْ يُتَّهَمَ وَجَبَ عَلَيْهِ رِوَايَتُهُ عَلَى التَّمَامِ، دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ التُّهْمَةَ الْمُسْقِطَةَ لِلرِّوَايَةِ. وَشَرَطَ أَيْضًا لِلْجَوَازِ أَنْ يَكُونَ السَّامِعُ مُتَذَكِّرًا لِتَمَامِهِ، فَإِنْ خَافَ غَفْلَتَهُ أَوْ نِسْيَانَهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ إلَّا رِوَايَتُهُ تَامًّا.
قَالَ: فَإِنْ شَارَكَهُ فِي السَّمَاعِ غَيْرُهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْبَعْضِ؛ لِئَلَّا يُفْسِدَ عَلَى السَّامِعِ الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يَسْمَعْهُ إلَّا تَامًّا. وَالثَّالِثُ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا. وَالرَّابِعُ: الْحَدِيثُ إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِتَمَامِهِ جَازَ نَقْلُ بَعْضِهِ، وَإِلَّا فَلَا، قَالَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ " اللُّمَعِ ". وَالْخَامِسُ: إنْ كَانَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حُكْمٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتْرُكَ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمٌ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ النَّاقِلُ فَقِيهًا جَازَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ فَقِيهٍ امْتَنَعَ. قَالَهُ ابْنُ فُورَكٍ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ، فِي كِتَابَيْهِمَا. قَالَا: وَإِنْ كَانَ تَقَدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ جَازَ لَهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْبَعْضِ، كَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رَدَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إلَى آيَةِ الْكَلَالَةِ. فَقَالَ: تَكْفِيَك آيَةُ الصَّيْفِ» ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا كِفَايَةٌ لَمَا وَكَّلَهُ إلَيْهَا. وَكَذَلِكَ تَرْكُ الْأَمْرِ بِالْقَضَاءِ فِي حَدِيثِ الْوَاطِئِ فِي رَمَضَانَ اكْتِفَاءً بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ الْأَمْرُ بِالْقَضَاءِ، وَلِحَدِيثِ «ابْنِ مَسْعُودٍ: أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ، فَرَمَى الرَّوْثَةَ وَتَرَكَ نَقْلَ الْحَجَرِ الْآخَرِ اكْتِفَاءً» ، وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مُسْنَدًا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «ائْتِنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute