للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْإِسْمَاعِيلِيّ، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنَّا، وَالْكَرْخِيُّ وَالرَّازِيَّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَكْثَرُ مَالِكِيَّةِ بَغْدَادَ، وَمَنَعُوا إضَافَةَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَدَمِ تَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ قَطْعًا، فَلَا يُضَافُ إلَيْهِ بِالِاحْتِمَالِ. وَحَكَى أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي الْجَدِيدِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ، وَفِي الْقَدِيمِ عَلَى أَنَّهُ مَرْفُوعٌ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ.

وَحَكَى ابْنُ السَّمْعَانِيِّ قَوْلًا ثَالِثًا بِالْوَقْفِ، وَحَكَى ابْنُ الْأَثِيرِ الْجَزَرِيُّ فِي مُقَدَّمَةِ " جَامِعِ الْأُصُولِ " قَوْلًا رَابِعًا بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ ذَلِكَ الصِّدِّيقَ فَمَرْفُوعٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَأَمَّرْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. وَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ خَامِسٌ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي " شَرْحِ الْإِلْمَامِ ": إنْ كَانَ قَائِلُهُ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ كَالْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ فَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ غَلَبَةً قَوِيَّةً أَنَّ الْآمِرَ هُوَ الرَّسُولُ، وَفِي مَعْنَاهُمْ عُلَمَاءُ الصَّحَابَةِ كَابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَفِي مَعْنَاهُمْ مَنْ كَثُرَ إلْمَامُهُ بِالنَّبِيِّ وَمُلَازَمَتُهُ كَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ هُوَ بَعِيدٌ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ آحَادِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ [تَأَخَّرَ] الْتِحَاقُهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ يَفِدُونَ إلَيْهِ، ثُمَّ يَعُودُونَ إلَى بِلَادِهِمْ، فَإِنَّ الِاحْتِمَالَ فِيهِمْ قَوِيٌّ. انْتَهَى. وَحَاصِلُهُ تَفَاوُتُ الرُّتَبِ فِي ذَلِكَ، وَلَا شَكَّ فِيمَا قَالَ. وَالْأَظْهَرُ قَبُولُهُ مُطْلَقًا، وَإِضَافَتُهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ مُرَادَ الصَّحَابِيِّ إنَّمَا هُوَ الِاحْتِجَاجُ بِقَوْلِهِ: أُمِرْنَا، فَيَجِبُ حَمْلُ الْأَمْرِ عَلَى صُدُورِهِ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ غَيْرُهُ لَا حُجَّةَ فِي أَمْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>