قَوْلُ سَعِيدٍ: سُنَّةً، عَلَى سُنَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَذَلِكَ أَخَذَ فِي الْقَدِيمِ فِي الْمَرْأَةِ تُقَابِلُ الرَّجُلَ إلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ بِقَوْلِ سَعِيدٍ: مِنْ السُّنَّةِ. فَقَدْ تَضَافَرَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ عَلَى ذَلِكَ، لَكِنْ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ فِي الْجِنَايَاتِ: إنَّ الشَّافِعِيَّ كَانَ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ مَرْفُوعٌ إذَا صَدَرَ مِنْ الصَّحَابِيِّ وَالتَّابِعِيِّ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُطْلِقُونَهُ، وَيُرِيدُونَ سُنَّةَ الْبَلَدِ. انْتَهَى. فَتَلَخَّصَ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. وَأَطْلَقَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ أَنَّ قَوْلَ الرَّاوِي: مِنْ السُّنَّةِ كَذَا، حُجَّةٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. قَالَ: ثُمَّ إنْ كَانَ الرَّاوِي صَحَابِيًّا وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ تَابِعِيًّا كَانَتْ رِوَايَتُهُ مُرْسَلَةً، فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمَرَاسِيلِ، وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي " شَرْحِ الْكِفَايَةِ ": قَوْلُ التَّابِعِيِّ مِنْ السُّنَّةِ كَذَا فِي حُكْمِ الْمَرَاسِيلِ، إنْ كَانَ قَائِلُهُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَهُوَ حُجَّةٌ، وَإِلَّا فَلَا.
وَعَنْهُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ مِنْ تَعْلِيقِهِ حِكَايَةَ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهُرُهُمَا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى بَعْضِ الصَّحَابَةِ. وَثَانِيهِمَا: أَنَّهُ مَرْفُوعٌ مُرْسَلٌ. وَقَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ " اللُّمَعِ ": إنْ كَانَ قَائِلُهُ صَحَابِيًّا فَهُوَ حُجَّةٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ التَّابِعِينَ، فَإِنْ كَانَ غَيْرُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَكَذَا حَكَى ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْعُدَّةِ " الْوَجْهَيْنِ فِي قَوْلِ سَعِيدٍ خَاصَّةً الْخِلَافُ فِي قَبُولِ مُرْسَلِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي " التَّقَصِّي ": إذَا أَطْلَقَ الصَّحَابِيُّ السُّنَّةَ، فَالْمُرَادُ بِهِ سُنَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَذَلِكَ إذَا أَطْلَقَهَا غَيْرُهُ مَا لَمْ تُضَفْ إلَى صَاحِبِهَا، كَقَوْلِهِمْ: سُنَّةُ الْعُمْرَيْنِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.
الْمَرْتَبَةُ السَّابِعَةُ: أَنْ يَقُولَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقِيلَ بِظُهُورِهِ فِي أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَيَكُونُ حُجَّةً، وَبِهِ قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ، وَعَلَيْهِ الْبَيْضَاوِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute