للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمِيعِ النَّاسِ وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي " التَّقْرِيبِ " فِي ثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ بِذَلِكَ قَوْلَيْنِ. رَابِعُهَا: أَنْ يَقُولَ: كَانُوا يَفْعَلُونَ، أَوْ كُنَّا نَفْعَلُ، وَهُوَ دُونَ الْكُلِّ؛ لِعَدَمِ التَّصْرِيحِ بِالْعَهْدِ، وَبِمَا يَعُودُ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ، قِيلَ: وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ إجْمَاعٌ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: إذَا قَالَ التَّابِعِيُّ كَانُوا يَفْعَلُونَ كَذَا، فَلَا يَدُلُّ عَلَى فِعْلِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِنَقْلِ الْإِجْمَاعِ، وَفِي ثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ. وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ ": إذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ: كَانُوا يَفْعَلُونَ كَذَا، فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُضِيفَهُ إلَى عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مِمَّا لَا يَخْفَى مِثْلُهُ، يُحْمَلُ عَلَى إقْرَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَكُونُ شَرْعًا لَنَا. وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَخْفَى بِأَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ ذِكْرُهُ حُمِلَ عَلَى إقْرَارِهِ، لِأَنَّ الْأَغْلَبَ فِيمَا يَكْثُرُ أَنَّهُ لَا يَخْفَى كَقَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ: «كُنَّا نُخْرِجُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَاعًا مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ» ، وَعَلَى هَذَا إذَا أَخْرَجَ الرَّاوِي الرِّوَايَةَ مَخْرَجَ التَّكْثِيرِ بِأَنْ قَالَ: كَانُوا يَفْعَلُونَ كَذَا، حُمِلَتْ الرِّوَايَةُ عَلَى عَمَلِهِ وَإِقْرَارِهِ، فَصَارَ الْمَقُولُ شَرْعًا. وَإِنْ تَجَرَّدَ عَنْ لَفْظِ التَّكْثِيرِ كَقَوْلِهِ: فَعَلُوا كَذَا فَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَلَا يَثْبُتُ شَرْعٌ بِاحْتِمَالٍ.

الثَّانِي: أَنْ يُضِيفَهُ إلَى عَصْرِ الصَّحَابَةِ، فَيُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ مَعَ بَقَاءِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ، فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ انْقِرَاضِ عَصْرِهِمْ. فَهُوَ حِكَايَةٌ عَنْ إجْمَاعِهِمْ فَيَكُونُ حُجَّةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>