الْأُسْتَاذِ أَبِي بَكْرِ بْنِ فُورَكٍ أَنَّهُ سَمَّى حَذْفَ الرَّاوِي شَيْخَهُ مُنْقَطِعًا، كَقَوْلِ التَّابِعِيِّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَقَوْلِ تَابِعِ التَّابِعِيِّ: قَالَ الصَّحَابِيُّ، وَسَمَّى ذِكْرَهُ عَلَى الْإِجْمَالِ مُرْسَلًا، مِثْلُ قَوْلِ التَّابِعِيِّ: سَمِعْت رَجُلًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ: وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ إشَارَةٌ إلَى هَذَا، وَلَيْسَ فِيهِ فَرْقٌ مَعْنَوِيٌّ، وَإِنَّمَا هُوَ اصْطِلَاحٌ. وَنَازَعَهُ الْمَازِرِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ فُورَكٍ بِأَنَّ الَّذِي فِي كِتَابِهِ أَنَّ الْمُرْسَلَ قَوْلُ التَّابِعِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ كَذَا وَكَذَا. انْتَهَى. فَذَكَرَ أَنَّ حَقِيقَتَهُ مَا حُذِفَ فِيهِ اسْمُ الرَّاوِي، وَلَمْ يَذْكُرْهُ لَا مُعَيَّنًا وَلَا مُجْمَلًا، لَكِنَّ الْإِمَامَ ثِقَةٌ فِيمَا يَنْقُلُ، فَلَعَلَّ الْمَازِرِيَّ سَقَطَ مِنْ نُسْخَتِهِ ذَلِكَ، وَقَدْ وَافَقَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ عَلَى هَذَا النَّقْلِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ. وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ: الْمُرْسَلُ رِوَايَةُ التَّابِعِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ يَرْوِي رَجُلٌ عَمَّنْ لَمْ يَرَهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ. وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي " شَرْحِ التَّرْتِيبِ ": هُوَ رِوَايَةُ التَّابِعِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ تَابِعِ التَّابِعِيِّ عَنْ الصَّحَابِيِّ، فَأَمَّا إذَا قَالَ تَابِعُ التَّابِعِيِّ أَوْ وَاحِدٌ مِنَّا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُفِيدُ شَيْئًا، وَلَا يَقَعُ بِهِ تَرْجِيحٌ فَضْلًا عَنْ الِاحْتِجَاجِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ بَرْهَانٍ. اهـ. وَقِيلَ: الْمُرْسَلُ: مَا رَفَعَهُ التَّابِعِيُّ الْكَبِيرُ، وَمَرَاسِيلُ صِغَارِهِمْ تُسَمَّى مُنْقَطِعَةً. حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ قَوْمٍ، وَقِيلَ: مَا سَقَطَ رَاوٍ مِنْ إسْنَادِهِ فَأَكْثَرَ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ. فَعَلَى هَذَا الْمُرْسَلُ وَالْمُنْقَطِعُ وَاحِدٌ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: رِوَايَتُهُ عَمَّنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، فَعَلَى هَذَا مَنْ رَوَى عَمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ مَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، بَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَاسِطَةٌ لَيْسَ بِإِرْسَالٍ، بَلْ تَدْلِيسٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute