للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّادِسَ عَشَرَ: مِنْ الْمُنْكَرِينَ لِلْمُرْسَلِ مَنْ يَقْبَلُ مَرَاسِيلَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ؛ لِأَنَّهُمْ يَرْوُونَ عَنْ الصَّحَابَةِ. السَّابِعَ عَشَرَ: كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَخْتَارُ الْأَحَادِيثَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى الصَّحَابَةِ عَلَى الْمُرْسَلَاتِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. الثَّامِنَ عَشَرَ: لَا يُقْبَلُ الْمُرْسَلُ إلَّا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ أَنْ يُعَضِّدَهُ إجْمَاعٌ فَيُسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ الْمُسْنَدِ. قَالَهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ " الْإِحْكَامِ ". هَذَا حَاصِلُ مَا قِيلَ، وَفِي بَعْضِهَا تَدَاخُلٌ. وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمُرْسِلَ إذَا كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ لَا يُقْبَلُ إرْسَالُهُ، فَإِنْ كَانَ ثِقَةً، وَعُرِفَ أَنَّهُ يَأْخُذُ عَنْ الضُّعَفَاءِ، فَلَا يُحْتَجُّ بِمَا أَرْسَلَهُ سَوَاءٌ التَّابِعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَذَا مَنْ عُرِفَ بِالتَّدْلِيسِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، حَتَّى يُصَرِّحَ بِالتَّحْدِيثِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَرْوِي إلَّا عَنْ ثِقَةٍ فَمُرْسَلُهُ وَتَدْلِيسُهُ، هَلْ يُقْبَلُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ - وَهُوَ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ - تَخْصِيصُ مَحَلِّ الْخِلَافِ بِغَيْرِ ذَلِكَ.

وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ مِنْهُمْ: الْمُرْسَلُ عِنْدَنَا إنَّمَا يُحْتَجُّ بِهِ إذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ لَا يُرْسِلُ إلَّا عَنْ ثِقَةٍ. وَكَذَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ مَنْ عَلِمْنَا مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يُرْسِلُ الْحَدِيثَ عَمَّنْ لَا يَوْثُقُ بِرِوَايَتِهِ، لَا يَجُوزُ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَنْهُ، فَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ عِنْدَنَا، وَإِنَّمَا كَلَامُنَا فِيمَنْ لَا يُرْسِلُ إلَّا عَنْ الثِّقَاتِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لِيُعْلَمَ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُرْسِلُ ثِقَةً مُتَحَرِّزًا بِحَيْثُ لَا يَأْخُذُ عَنْ غَيْرِ الْعُدُولِ قَالَ: وَيَلْزَمُ الشَّافِعِيَّ، وَالْقَاضِيَ أَبَا بَكْرٍ الْقَوْلُ بِالْمُرْسَلِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُمَا قَبِلَا التَّعْدِيلَ بِالْمُطْلَقِ، وَالْمُرْسِلُ إذَا عُلِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>