فَإِنَّهُ كَانَ مَالِكِيَّ الْمَذْهَبِ، وَمِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ قَبُولُ الْمَرَاسِيلِ. اهـ.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْعُدَّةِ ": الْمُرْسَلُ لَا يَكُونُ حُجَّةً عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَأَمَّا احْتِجَاجُهُ بِخَبَرِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ، فَقِيلَ: لِأَنَّهُ عُرِفَ أَنَّهُ لَا يُرْسِلُ إلَّا عَنْ الصَّحَابَةِ. وَقِيلَ: إنَّ الْمُسْنَدَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ لِقَوْلِهِ عَمَّا أَسْنَدَهُ غَيْرُهُ. قَالَ: وَبِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا. وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيَّ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: لَيْسَ الْمُنْقَطِعُ بِشَيْءٍ، مَا عَدَا مُنْقَطِعَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْنِي مَا عَدَا مُنْقَطِعَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، فَإِنَّهُ يَعْتَبِرُ بِهِ. اهـ. فَلَمْ يَحْمِلْ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ يَحْتَجُّ بِمُرْسَلِ سَعِيدٍ، بَلْ عَلَى أَنَّهُ يَعْتَبِرُ بِهِ خَاصَّةً. وَأَمَّا الْغَزَالِيُّ فَأَطْلَقَ فِي الْمُسْتَصْفَى " أَنَّ الْمُرْسَلَ مَرْدُودٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْقَاضِي. قَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ.
وَقَالَ فِي الْمَنْخُولِ " الْمَرَاسِيلُ مَرْدُودَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إلَّا مَرَاسِيلَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْمُرْسَلَ الَّذِي عَمِلَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ. ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ ثَبَتَ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ قَبُولُ الْمَرَاسِيلِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ " أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ، وَهُوَ الْمُرْسَلُ بِعَيْنِهِ، وَقَدْ أَوْرَدَهُ بِنَقْلٍ عَنْهُ وَيَعْتَقِدُهُ، فَيَعْتَمِدُ مَذْهَبَهُ، وَعَنْ هَذَا قَبِلَ مَرَاسِيلَ سَعِيدٍ. قَالَ الْقَاضِي: وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي أَنَّ الْإِمَامَ الْعَدْلَ إذَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ قُبِلَ، فَأَمَّا الْفُقَهَاءُ وَالْمُتَوَسَّعُونَ فِي كَلَامِهِمْ، فَقَدْ يَقُولُونَهُ لَا عَنْ ثَبْتٍ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute