لَا يَكُونُ حُجَّةً، وَقَدْ يَنْضَمُّ إلَيْهِ مَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى مَا سَنُبَيِّنُ، ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ إنَّمَا رَدَّ الْمُرْسَلَ، لِدُخُولِ التُّهْمَةِ فِيهِ. فَإِنْ اقْتَرَنَ بِهِ مَا يُزِيلُ التُّهْمَةَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُوَافِقَ مُرْسَلُهُ مُسْنَدَ غَيْرِهِ، أَوْ تَتَلَقَّاهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ أَوْ انْتَشَرَ، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ نَكِيرٌ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَذَلِكَ إذَا اُشْتُرِطَ فِي إرْسَالِهِ عَدْلَانِ فَأَكْثَرُ، فَيَقْوَى بِهِ حَالُ الْمُرْسَلِ، أَوْ يَكُونُ مُوَافِقًا لِلْقِيَاسِ. قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ الْمُرَجَّحَ إنَّمَا هُوَ فِي مُسْنَدٍ آخَرَ، أَوْ تَلَقِّي الْأُمَّةِ لَهُ بِالْقَبُولِ، أَوْ اشْتِهَارِهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِ الْمُرْسَلِ. انْتَهَى.
وَقَالَ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ ": حُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ خَصَّ مَرَاسِيلَ الصَّحَابَةِ بِالْقَبُولِ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا، قَبِلَتْ، إلَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ. اهـ. وَلْنَذْكُرْ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ فِي الرِّسَالَةِ " فَإِنَّهُ يُعْرَفُ مِنْهُ مَذْهَبُهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ ": أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنْبَأَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَعْنِي فِي كِتَابِ الرِّسَالَةِ ": الْمُنْقَطِعُ يَخْتَلِفُ، فَمَنْ شَاهَدَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَرَوَى حَدِيثًا مُنْقَطِعًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اُعْتُبِرَ عَلَيْهِ بِأُمُورٍ: مِنْهَا: أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَا أَرْسَلَهُ مِنْ الْحَدِيثِ، فَإِنْ شَرَكَهُ الْحُفَّاظُ الْمَأْمُونُونَ فَأَسْنَدُوهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِثْلِ مَعْنَى مَا رَوَى، كَانَتْ هَذِهِ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى صِحَّةِ مَنْ قَبِلَ عَنْهُ، وَحَفِظَهُ، وَإِنْ انْفَرَدَ بِهِ مُرْسَلًا لَمْ يُشْرِكْهُ فِيهِ مَنْ يُسْنِدُ قُبِلَ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَيُعْتَبَرُ عَلَيْهِ بِأَنْ يُنْظَرَ هَلْ يُوَافِقُهُ مُرْسَلٌ آخَرُ، فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ قَوِيَ، وَهِيَ أَضْعَفُ مِنْ الْأُولَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute