مِنْهَا: أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَهَابَةُ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِ شَهَادَةِ الزُّورِ، فَاحْتِيجَ إلَى الِاسْتِظْهَارِ فِيهَا.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ قَدْ يَنْفَرِدُ بِالْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ شَاهِدٌ وَاحِدٌ، فَلَوْ لَمْ يُقْبَلْ لَفَاتَ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ تِلْكَ
الْمَصْلَحَةُ
الْعَامَّةُ، بِخِلَافِ فَوَاتِ حَقٍّ وَاحِدٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي الْمُحَاكَمَاتِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ الْعَمَلَ بِتَزْكِيَةِ الْوَاحِدِ فِي الرِّوَايَةِ أَحْوَطُ. وَمِنْهَا: أَنَّ بَيْنَ كَثِيرٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إحَنًا وَعَدَاوَاتٍ، قَدْ تَحْمِلُهُمْ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ، بِخِلَافِ الْأَخْبَارِ النَّبَوِيَّةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَدْ تَعَرَّضَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ فِي مُنَاظَرَةٍ لَهُ مَعَ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ، حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ " فِي بَابِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ، فَقَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْخَبَرُ مَا اسْتَوَى فِيهِ الْمُخْبِرُ وَالْمُخْبَرُ وَالْعَامَّةُ مِنْ حَلَالٍ وَحَرَامٍ، وَالشَّهَادَةُ مَا كَانَ الشَّاهِدُ فِيهِ خَلِيًّا وَالْعَامَّةُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمَشْهُودَةَ عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ الرُّويَانِيُّ: فَإِنْ قِيلَ مَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: الْخَبَرُ مَا اسْتَوَى فِيهِ الْمُخْبِرُ وَالْمُخْبَرُ، وَمِنْ الْأَخْبَارِ مَا لَا يَلْزَمُ الرَّاوِيَ بِهِ حُكْمٌ، وَيَلْزَمُ غَيْرَهُ، وَمِنْ الشَّهَادَاتِ مَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَ بِهَا الْحُكْمُ، كَمَا يَلْزَمُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الشَّهَادَةُ عَلَى الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ؟ قُلْنَا: قَالَ الشَّافِعِيُّ هَذَا، وَأَرَادَ مَا فَسَّرَهُ بِهِ مِنْ تَحْلِيلٍ وَتَحْرِيمٍ اللَّذَيْنِ هُمَا مُؤَبَّدَانِ لَا يَنْقَطِعَانِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِي الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُقْطَعُ. وَحَكَى ابْنُ الْقَاصِّ عَنْ أَبِي الطَّيِّبِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute