بِشَهَادَةِ مَنْ حَدَثَ فِسْقُهُ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ حُجَّةٌ لَازِمَةٌ لِجَمِيعِ النَّاسِ، وَفِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ، فَكَانَ حُكْمُهُ أَغْلَظَ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي " الْحَاوِي ". سَابِعُهَا: تَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِمَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى الرَّاوِي وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ، لِاشْتِرَاكِ النَّاسِ فِي السُّنَنِ وَالرِّوَايَاتِ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي الْقَوَاطِعِ "، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ "، وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ فِي أُصُولِهِ، وَنَقَلَا ذَلِكَ عَنْ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُمَا قَالَا: قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ رَوَى عَدْلٌ خَبَرًا فِي أَثْنَاءِ خُصُومَةٍ، وَكَانَ فَحْوَاهُ حُجَّةً عَلَى الْخَصْمِ، فَالرِّوَايَةُ مَقْبُولَةٌ، وَلَا يَجْعَلُ لِلتُّهْمَةِ مَوْضِعًا، وَكَذَا الرِّوَايَةُ الْجَارَّةُ لِلنَّفْعِ وَالدَّفْعِ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ، هَذَا لَفْظُهُ.
وَمِثْلُهُ خَبَرُ الرَّاوِي لِنَفْسِهِ نَفْعًا رَاجِحًا لَمْ يَسْتَحْضِرْ الْقَرَافِيُّ فِي فُرُوعِهِ فِيهَا نَقْلًا، وَحَكَى الرَّافِعِيُّ قَبْلَ بَابِ الصِّيَالِ أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ رَوَى خَبَرًا يَقْتَضِي إعْتَاقَهُ، لَمْ يُقْبَلْ، أَوْ إعْتَاقَ مَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ كَذَا وَكَذَا وَكَانَتْ فِيهِ قِيلَ؛ لِأَنَّهُ ضِمْنٌ لَا قَصْدًا وَهَذَا أَحْسَنُ. ثَامِنُهَا: إذَا حَدَّثَ الْعَدْلُ بِحَدِيثٍ رَجَعَ عَنْهُ لِغَلَطٍ وَجَدَهُ فِي أَصْلِ كِتَابِهِ، أَوْ حِفْظٍ عَادَ إلَيْهِ، قُبِلَ مِنْهُ رُجُوعُهُ، وَكَذَا الزِّيَادَةُ بِاللَّفْظِ. قَالَهُ الصَّيْرَفِيُّ. قَالَ: وَهَذَا بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ يَحْكُمُ بِهَا الْقَاضِي، ثُمَّ يَرْجِعُ الشَّاهِدُ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ حُقُوقًا لِلْآدَمِيِّينَ لَا تَزُولُ بِالرُّجُوعِ وَمَضَى الْحُكْمُ بِهَا، وَالْمُخْبِرُ بِهَا يَدْخُلُ فِي جُمْلَةِ الْمُخْبِرِينَ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَدْعًى يُؤَدِّي مَا اسْتَدْعَى، وَلَيْسَ يُطَعْنَ عَلَى الْمُحَدِّث إلَّا قَوْلُهُ: تَعَمَّدْت الْكَذِبَ، فَهُوَ كَاذِبٌ فِي الْأَوَّلِ، وَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ. تَاسِعُهَا: أَنَّ إنْكَارَ الْأَصْلِ رِوَايَةَ الْفَرْعِ، لَا يَضُرُّ الْحَدِيثَ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ كَمَا سَبَقَ. عَاشِرُهَا: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: لَا يُعَوَّلُ عَلَى شَهَادَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute