للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ: أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ وَكَّلْتُك فِي كَذَا، وَآخَرُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: أَذِنْت لَك فِي التَّصَرُّفِ، لَمْ تَثْبُتْ الْوَكَالَةُ؛ لِأَنَّهُمَا ضِدَّانِ، وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى الْمُدَّعِي بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ، وَآخَرُ بِالْإِبْرَاءِ مِنْهُ، فَالْمَذْهَبُ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ، لَا تَلْفِيقَ، وَلَوْ شَهِدَ الثَّانِي أَنَّهُ بَرِئَ إلَيْهِ مِنْهُ، قَالَ الْعَبَّادِيُّ: تَلَفُّقٌ؛ لِأَنَّ إضَافَتَهَا إلَى الدُّيُونِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيفَاءِ، وَقِيلَ بِخِلَافِهِ. قُلْت: لَكِنَّ ابْنَ فُورَكٍ فِي كِتَابِهِ سَوَّى بَيْنَهُمَا، فَقَالَ: لَا فَرْقَ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَاتِ يُكْتَفَى فِيهَا بِالْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ. سَادِسَ عَشَرَهَا: يُشْتَرَطُ فِي تَوْبَةِ الشَّاهِدِ مُضِيُّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ، بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ، وَلَوْ حُدَّ بَعْضُ شُهُودِ الزِّنَا لِنَقْصِ النِّصَابِ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ، حَتَّى يَتُوبُوا، وَفِي قَبُولِ رِوَايَتِهِمْ قَبْلَ التَّوْبَةِ وَجْهَانِ فِي " الْحَاوِي ". قَالَ: الْأَشْهَرُ الْقَبُولُ، وَالْأَقْيَسُ الْمَنْعُ كَالشَّهَادَةِ.

سَابِعَ عَشَرَهَا: لَهُ أَنْ يَرْوِيَ عَلَى الْخَطِّ الْمَحْفُوظِ عِنْدَهُ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الرِّسَالَةِ ": يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَدِّثُ حَافِظًا لِكِتَابِهِ إنْ حَدَّثَ بِهِ مِنْ كِتَابِهِ. قَالَ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ ": وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَسُوغُ لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ مِنْ كِتَابِهِ بِمَا يَحْفَظُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ سَمَاعَهُ لِلْحَدِيثِ مِمَّنْ سَمِعَهُ؛ لِأَجْلِ إفْتَائِهِمْ مِنْ عِلْمِ سَمَاعِهِ لِلْحَدِيثِ مِمَّنْ سَمِعَهُ مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بِحِفْظِهِ بِمَا سَمِعَهُ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهُ إمَامُهُ لِحِفْظِهِ مَقَامَ عِلْمِهِ بِسَمَاعِ الْحَدِيثِ مِمَّنْ حَدَّثَ عَنْهُ.

قَالَ: وَخَالَفَهُ الْجُمْهُورُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَأَصْحَابِ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَلَا يَجِبُ الْعَمَلُ مِمَّنْ هَذَا حَالُهُ. قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ كَالشَّهَادَةِ سَوَاءٌ، وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الشَّيْخِ. ثَامِنَ عَشَرَهَا: عَكْسُ مَا قَبْلِهِ، لَوْ تَحَقَّقَ مِنْ عِلْمِ سَمَاعِ ذَلِكَ الْخَبَرِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>