صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُجْمِعْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ» ، وَنَقَضَ ابْنُ الْفَارِضِ الْمُعْتَزِلِيُّ هَذَا بِأَنَّ إجْمَاعَ الْأُمَّةِ يَتَعَدَّى بِعَلَى، وَالْإِجْمَاعُ بِمَعْنَى الْعَزِيمَةِ وَقَطْعِ الرِّوَايَةِ لَا يَتَعَدَّى بِعَلَى. قُلْت: حَكَى ابْنُ فَارِسٍ فِي الْمَقَايِيسِ: أَجْمَعْت عَلَى الْأَمْرِ، إجْمَاعًا وَأَجْمَعْته. نَعَمْ، تَعْدِيَتُهُ بِنَفْسِهِ أَفْصَحُ. وَالثَّانِي: الِاتِّفَاقُ، وَمِنْهُ أَجْمَعَ الْقَوْمُ: إذَا صَارُوا ذَوِي جَمْعٍ. قَالَ الْفَارِسِيُّ: كَمَا يُقَالُ: أَلْبَنَ وَأَتْمَرَ، إذَا صَارَ ذَا لَبَنٍ وَتَمْرٍ. وَحَكَى عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ " عَنْ قَوْمٍ مَنْعَ كَوْنِهِ بِمَعْنَى الْإِجْمَاعِ كَمَا ظَنَّهُ ظَانُّونَ لِتَغَايُرِهِمَا، إذْ يَصِحُّ مِنْ الْوَاحِدِ أَنْ يَقُولَ: أَجْمَعْت رَأْيِي عَلَى كَذَا، أَيْ عَزَمْت عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ الْإِجْمَاعُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ. وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ. ثُمَّ قَالَ الْغَزَالِيُّ: هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ الْقَاضِي: الْعَزْمُ يَرْجِعُ إلَى الِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ مَنْ اتَّفَقَ عَلَى شَيْءٍ فَقَدْ عَزَمَ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ: الْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِاللُّغَةِ، وَالثَّانِي: أَشْبَهُ بِالشَّرْعِ. قَالَا: وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا فِي أَنَّ الْإِجْمَاعَ مِنْ الْوَاحِدِ هَلْ يَصِحُّ؟ فَعَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ جَمَاعَةٍ، وَعَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي يَصِحُّ الْإِجْمَاعُ مِنْ الْوَاحِدِ. وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ: فَهُوَ اتِّفَاقُ مُجْتَهِدِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute