للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا أَمَّا لُغَةً: فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ تَقْدِيرُ شَيْءٍ عَلَى مِثَالِ شَيْءٍ آخَرَ وَتَسْوِيَتُهُ بِهِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْمِكْيَالُ مِقْيَاسًا، وَمَا يُقَدَّرُ بِهِ النِّعَالُ مِقْيَاسًا، وَفُلَانٌ لَا يُقَاسُ بِفُلَانٍ: أَيْ لَا يُسَاوِيهِ. وَقِيلَ: هُوَ مَصْدَرُ قِسْت الشَّيْءَ إذَا اعْتَبَرْته، أَقِيسُهُ قَيْسًا وَقِيَاسًا. وَمِنْهُ: قِيسَ الرَّأْيُ، وَامْرُؤُ الْقَيْسِ؛ لِاعْتِبَارِ الْأُمُورِ بِرَأْيِهِ. وَقُسْته (بِضَمِّ الْقَافِ) أُقَوِّسُهُ قَوْسًا ذَكَرَ هَذِهِ اللُّغَةَ ابْنُ أَبِي الْبَقَاءِ فِي نِهَايَتِهِ " وَصَاحِبُ " الصِّحَاحِ "، فَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ وَالْيَاءِ. وَقَالَ ابْنُ مُقْلَةَ فِي كِتَابِ " الْبُرْهَانِ ": الْقِيَاسُ فِي اللُّغَةِ: التَّمْثِيلُ وَالتَّشْبِيهُ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ التَّشْبِيهُ فِي الْوَصْفِ أَوْ الْحَدِّ لَا الِاسْمِ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي " كِتَابِ الْقَضَاءِ ": الْقِيَاسُ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُمَاثَلَةِ، يُقَالُ: هَذَا قِيَاسُ هَذَا، أَيْ مِثْلُهُ، لِأَنَّ الْقِيَاسَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ فِي الْحُكْمِ. وَقِيلَ: إنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْإِصَابَةِ، يُقَالُ: قِسْت الشَّيْءَ: إذَا أَصَبْته، لِأَنَّ الْقِيَاسَ يُصِيبُ بِهِ الْحُكْمَ، وَحَكَاهَا ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ ". وَقَالَ الصَّيْرَفِيُّ: " الْقِيَاسُ فِعْلُ الْقَائِسِ، وَهُوَ مَصْدَرُ قِسْت الشَّيْءَ قِيَاسًا، وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ: إمَّا بِالْمُشَاهَدَةِ فِيهِمَا جَمِيعًا، أَوْ أَحَدِهِمَا وَالْآخَرِ بِالْفِكْرِ، أَوْ جَمِيعِهِمَا بِالْفِكْرِ يُعْلَمُ تَسَاوِيهِمَا فِي الشَّيْءِ الَّذِي جُمِعَا مِنْ أَجْلِهِ بِخِلَافِهِمَا. هَذِهِ فَائِدَةُ الْقِيَاسِ وَنَتِيجَتُهُ، فَإِذَا أَثْمَرَتْ الْمُقَابَلَةُ مُسَاوَاةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>