للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَمْلُ الشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ فِي بَعْضِ أَحْكَامِهِ بِضَرْبٍ مِنْ الشَّبَهِ، وَقَالَ الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى: إثْبَاتُ حُكْمِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ لِلْمَقِيسِ وَهُوَ رَكِيكٌ، فَإِنَّ الْمَقِيسَ وَالْمَقِيسَ عَلَيْهِ مُشْتَقَّانِ مِنْ الْقِيَاسِ، فَتَعْرِيفُ الْقِيَاسِ بِهِمَا دَوْرٌ. وَقَالَ صَاحِبُ الْإِحْكَامِ: اسْتِوَاءٌ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْ حُكْمِ الْأَصْلِ، وَيَخْرُجُ عَنْهُ الْقِيَاسُ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ مَنْصُوصَةً، فَإِنْ مُنِعَ كَوْنُهُ قِيَاسًا فَبَاطِلٌ، لِأَنَّهُ أَقْوَى أَنْوَاعِ الْأَقْيِسَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي - وَاخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُونَ مِنَّا، كَمَا قَالَهُ فِي الْمَحْصُولِ: هُوَ حَمْلُ مَعْلُومٍ عَلَى مَعْلُومٍ فِي إثْبَاتِ حُكْمٍ لَهُمَا أَوْ نَفْيِهِ عَنْهُمَا بِجَامِعِ حُكْمٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ نَفْيِهِمَا، فَالْحَمْلُ اعْتِبَارُ الْفَرْعِ بِالْأَصْلِ وَرَدُّهُ إلَيْهِ، وَالْمَعْلُومُ يَتَنَاوَلُ الْمَوْجُودَ وَالْمَعْدُومَ، بِخِلَافِ الشَّيْءِ وَالْفَرْعِ يُوهِمُ الْمَوْجُودَ. ثُمَّ بَيَّنَ فَبِمَاذَا يَكُونُ الْحَمْلُ بِقَوْلِهِ: " فِي إثْبَاتِ حُكْمٍ " فَأَفَادَ أَنَّ الْقِيَاسَ يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى ثُبُوتِ الْأَحْكَامِ وَنَفْيِهَا، وَالْمَعْلُومُ الثَّانِي لَا بُدَّ مِنْهُ، إذْ الْقِيَاسُ يَسْتَدْعِي مُنْتَسِبِينَ، لِأَنَّ إثْبَاتَ الْحُكْمِ بِدُونِ الْأَصْلِ لَيْسَ بِحُكْمٍ. ثُمَّ قَسَّمَ الْجَامِعَ إلَى حُكْمٍ وَصِفَةٍ. قَالَ إلْكِيَا: وَهُوَ أَسَدُّ مَا قِيلَ عَلَى صِنَاعَةِ الْمُتَكَلِّمِينَ. وَقَدْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأُمُورٍ: مِنْهَا: إنْ أَرَدْت بِالْحَمْلِ إثْبَاتَ الْحُكْمِ فَقَوْلُك: " فِي إثْبَاتِ حُكْمٍ " ضَائِعٌ لِلتَّكْرَارِ، وَإِنْ أَرَدْت غَيْرَهُ فَبَيِّنْهُ، وَذَلِكَ الْغَيْرُ يَكُونُ خَارِجًا عَنْ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ يَتِمُّ بِإِثْبَاتِ مِثْلٍ مَعْلُومٍ لِآخَرَ بِجَامِعٍ. وَمِنْهَا: أَنَّ قَوْلَهُ " فِي إثْبَاتِ حُكْمٍ لَهَا " يُشْعِرُ بِإِثْبَاتِ حُكْمِ الْأَصْلِ بِالْقِيَاسِ وَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ فَرْعُ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ، فَلَوْ كَانَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فَرْعًا عَنْ الْقِيَاسِ لَزِمَ الدَّوْرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>