الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى جَمِيعِ الْفُرُوعِ الْمُلْحَقَةِ بِالْقِيَاسِ أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ بِالْوَاسِطَةِ.
فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ تَنَاهَتْ فَرَائِضُهُ فَلَا يُزَادُ فِيهِ وَلَا يَنْقُصُ. وَنَصَّ فِي " الرِّسَالَةِ " عَلَى أَنَّ الْقِيَاسَ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ. وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْقِيَاسُ ضَرُورَاتٌ حَكَاهُ الْعَبَّادِيُّ فِي طَبَقَاتِهِ " وَهَذَا يَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِمَالِهِ عَلَيْهِ فَلْيُؤَوَّلْ.
وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: جَمِيعُ الْأَحْكَامِ عَلَى مَرَاتِبِهَا مَعْلُومَةٌ بِالنَّصِّ، لَكِنَّ بَعْضَهَا يُعْلَمُ بِظَاهِرٍ، وَبَعْضُهَا يُعْلَمُ بِاسْتِنْبَاطٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَلَوْ لَزِمَ أَنْ لَا يَثْبُتَ حُكْمٌ إلَّا بِنَصٍّ لَبَطَلَ أَكْثَرُ الْأَحْكَامِ الْمُسْتَدَلِّ عَلَيْهَا بِفَحْوَى الْخِطَابِ وَدَلِيلِهِ.
وَزَعَمَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ النُّصُوصَ مُحِيطَةٌ بِجَمِيعِ الْحَوَادِثِ وَرُبَّمَا تَمَسَّكَ بِقَوْلِ أَحْمَدَ: مَا تَصْنَعُ بِالرَّأْيِ وَفِي الْحَدِيثِ مَا يُغْنِيك عَنْهُ.
وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ: إنَّ أَكْثَرَ الْحَوَادِثِ لَا نَصَّ فِيهَا بِحَالٍ. وَلِذَا قَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ: إنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ الْقِيَاسُ أَفْضَى إلَى خُلُوِّ كَثِيرٍ مِنْ الْحَوَادِثِ عَنْ الْأَحْكَامِ، لِقِلَّةِ النُّصُوصِ وَكَوْنِ الصُّوَرِ لَا نِهَايَةَ لَهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَنْ اتَّسَعَ عِلْمُهُ بِالنُّصُوصِ قَلَّتْ حَاجَتُهُ إلَى الْقِيَاسِ، كَالْوَاجِدِ مَاءً لَا يُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْقَلِيلِ.
وَتَوَسَّطَ بَعْضُهُمْ وَقَالَ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ أَعْمَالِ الْخَلْقِ الْوَاقِعَةِ، وَبَيْنَ الْمَسَائِلِ الْمُوَلَّدَةِ لِأَعْمَالِهِمْ الْمُقَدَّرَةِ فَالْأُولَى عَامَّتُهَا نُصُوصٌ، وَأَمَّا الْمُوَلَّدَاتُ فَيَكْثُرُ فِيهَا مَا لَا نَصَّ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute