للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ وَالْقِيَاسُ ظَنِّيٌّ

نَصَّ عَلَيْهِ فِي " الرِّسَالَةِ " فَقَالَ: إنَّهُ حَقٌّ فِي الظَّاهِرِ عِنْدَ قَائِسِهِ لَا عِنْدَ الْعَامَّةِ مِنْ الْعُلَمَاءِ. قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ حَقًّا فِي الظَّاهِرِ حَتَّى يَلْزَمَ بِظَاهِرِ الْأَدِلَّةِ، وَيَجُوزُ الْخِلَافُ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ قَطْعِيًّا لَمْ يَقَعْ فِيهِ خِلَافٌ انْتَهَى. وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ فِي الْفَحْوَى: إنَّهُ قِيَاسٌ جَلِيٌّ، مَعَ أَنَّهُ قَطْعِيٌّ. عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَثُرَ الْقَوْلُ فِيهِ - كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ - وَأَنَّ دَلَالَتَهُ لَفْظِيَّةٌ عَلَى قَوْلٍ، فَعَلَى هَذَا لَا تَظْفَرُ بِقِيَاسٍ قَطْعِيٍّ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ مَنْصُوصًا عَلَيْهَا. عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ لَمْ يَجْعَلْهُ قِيَاسًا. قُلْت: دَلَالَةُ اللَّفْظِ بِهِ، وَلِهَذَا قَالَ بِهِ مُنْكِرُو الْقِيَاسِ.

وَمِمَّنْ أَطْلَقَ ظَنِّيَّةَ الْقِيَاسِ الْإِمَامَانِ الْجُوَيْنِيُّ وَالرَّازِيَّ وَغَيْرُهُمَا وَحِينَئِذٍ فَيَنْتَهِضُ بِالْأَدِلَّةِ الظَّنِّيَّةِ. قَالَ فِي " الْبُرْهَانِ " لَا يُفِيدُ الْعِلْمُ وُجُوبَ الْعَمَلِ بِأَعْيَانِهَا، وَإِنَّمَا يَقَعُ الْعِلْمُ عِنْدَهَا، وَالْعِلْمُ بِوُجُوبِهِ مُسْتَنِدٌ إلَى أَدِلَّةٍ قَاطِعَةٍ. وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: الظَّاهِرُ الدَّالُّ عَلَى كَوْنِ الْقِيَاسِ حُجَّةً، فَإِنْ كَانَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ وَلَكِنْ اقْتَرَنَتْ بِهَا أُمُورٌ مَجْمُوعُهَا يُفِيدُ الْقَطْعَ، قُلْنَا: هَذَا مُجَرَّدُ دَعْوَى الْقَطْعِ فِي مَوَاضِعِ الظُّنُونِ، وَمُطَالَبَتُهُ بِالدَّلِيلِ عَلَى وُجُودِ تِلْكَ الْأُمُورِ الْمَقْرُونَةِ بِالظَّاهِرِ، وَلَا نَجِدُ إلَى بَيَانِهَا سَبِيلًا أَصْلًا، وَلَوْ أَفَادَ مَا ذَكَرَهُ الْقَطْعَ لَمَا عَجَزَ أَحَدٌ عَنْ دَعْوَى الْقَطْعِ فِي مَوَاضِعِ الظُّنُونِ. وَحَكَى سُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ " عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْقِيَاسَ قَطْعِيٌّ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْحَاكِمِ صِدْقُهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>