للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهَاتٌ

الْأَوَّلُ زَعَمَ ابْنُ الْحَاجِّ فِي نُكَتِهِ عَلَى الْمُسْتَصْفَى " أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَتَوَارَدْ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ. قَالَ: وَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا صَحِيحَةٌ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ، بَاطِلَةٌ بِاعْتِبَارِ الْفَرْعِ. وَقَالَ ابْنُ رَحَّالٍ: إذَا فُسِّرَ اللَّفْظُ زَالَ الْخِلَافُ، وَتَفْسِيرُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: ثُبُوتُ الْحُكْمِ لِأَجْلِ الْوَصْفِ الْقَاصِرِ صَحِيحٌ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: نَصْبُ الْوَصْفِ الْقَاصِرِ أَمَارَةً بَاطِلٌ، وَهَذَا أَيْضًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلَمَّا كَانَ لَفْظُ التَّعْلِيلِ يُطْلَقُ تَارَةً عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ لِأَجْلِ الْوَصْفِ وَتَارَةً عَلَى نَصْبِهِ، فَهَذَا الِاشْتِرَاكُ هُوَ سَبَبُ الْخِلَافِ.

الثَّانِي أَنَّ كَلَامَ أَصْحَابِنَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْقَاصِرَةِ لَيْسَ مَشْرُوطًا بِانْتِفَاءِ التَّعْدِيَةِ، بَلْ يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْقَوَاطِعِ "، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا لَمَا تُصُوِّرَ وُقُوعُ التَّعَارُضِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ التَّعَارُضَ فَرْعُ اجْتِمَاعِهِمَا، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا تَعَارَضَا، فَرَجَّحَ الْجُمْهُورُ الْمُتَعَدِّيَةَ، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: الْقَاصِرَةُ، وَتَوَقَّفَ قَوْمٌ.

الثَّالِثُ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْخِلَافُ فِي بُطْلَانِهَا لَا عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ظَنِّ كَوْنِهَا حِكْمَةً فِي مَوْرِدِ النَّصِّ، بَلْ عَلَى خُرُوجِهَا عَنْ مُتَعَلَّقِ الْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ إذَا لَمْ تَظْهَرْ لَهُ فَائِدَةٌ تَزِيدُ عَلَى مُقْتَضَى النَّصِّ، وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى صِحَّتِهَا، لِصِحَّةِ وُرُودِ الشَّرْعِ بِهَا، وَلِمُسَاوَاتِهَا لِلْعِلَّةِ الْمُتَعَدِّيَةِ فِي اسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ وَالْقُصُورِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>