وَأَمَّا تَعْلِيلُ الْحُكْمَيْنِ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى (الْأَمَارَةِ) فَلَا خِلَافَ كَمَا قَالَهُ الْآمِدِيُّ فِي الْجَوَازِ، كَمَا لَوْ قَالَ الشَّارِعُ: جَعَلْت طُلُوعَ الْهِلَالِ أَمَارَةً عَلَى وُجُوبِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ. وَمِنْهُ الْبُلُوغُ وَالْحَيْضُ عَلَامَةٌ لِأَحْكَامٍ عَدِيدَةٍ. وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى (الْبَاعِثِ) فَاخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى أَقْوَالٍ: (أَحَدُهَا) وَهُوَ الصَّحِيحُ - الْجَوَازُ، إذْ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ الْوَاحِدُ بَاعِثًا عَلَى حُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، أَيْ مُنَاسِبًا لَهُمَا بِأَمْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا، كَمُنَاسَبَةِ الرِّبَا وَالشُّرْبِ لِلْحَدِّ وَالتَّحْرِيمِ. وَ (الثَّانِي) : الْمَنْعُ مُطْلَقًا. وَ (الثَّالِثُ) : الْمَنْعُ إنْ لَمْ يَتَضَادَّا. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، فَيَجُوزُ تَعْلِيلُ الْمُتَمَاثِلَيْنِ بِالْعِلَّةِ الْوَاحِدَةِ لَكِنْ فِي مَحَالَّ مُتَعَدِّدَةٍ، كَالْقَتْلِ الصَّادِرِ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَإِنَّهُ مُوجِبٌ لِلْقِصَاصِ عَلَيْهِمَا. وَقَدْ يُعَلَّلُ بِهِمَا مُخْتَلِفَانِ غَيْرُ مُتَضَادَّيْنِ كَالْحَيْضِ يُحَرِّمُ الْوَطْءَ وَمَسَّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوَهُ، وَكَالْإِحْرَامِ الْمَانِعِ مِنْ النِّكَاحِ وَالصَّيْدِ وَالطِّيبِ وَأَخْذِ الشَّعْرِ وَالْأَظْفَارِ، ذَكَرَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ. وَقَدْ يُعَلَّلُ بِهَا مُخْتَلِفَانِ مُتَضَادَّانِ بِشَرْطَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ، كَالْجِسْمِ يَكُونُ عِلَّةً لِلسُّكُونِ بِشَرْطِ الْبَقَاءِ فِي الْحَيِّزِ، وَعِلَّةُ الْحَرَكَةِ بِشَرْطِ الِانْتِقَالِ عَنْهُ. وَمَثَّلَهُ إلْكِيَا بِمَا يَكُونُ مُبْطِلًا لِعَقْدٍ مُصَحِّحًا لِآخَرَ: قُلْت: كَالتَّأْبِيدِ فِي التِّجَارَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute