للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورِيَّ. وَعَلَى هَذَا فَقَالَ الْبَغَوِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا: حِمَارُ الْبَحْرِ لَا يُؤْكَلُ، فَأَلْحَقُوهُ بِشَبَهِ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ دُونَ الْوَحْشِيِّ. وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي أَنَّ الْأَصْلَ فِي حَيَوَانِ الْبَحْرِ الْحِلُّ (وَمِنْهَا) جَزَاءُ الصَّيْدِ كَإِيجَابِ الْبَقَرَةِ الْإِنْسِيَّةِ فِي الْوَحْشِيَّةِ.

وَ (مِنْهَا) إقْرَاضُ الْحَيَوَانِ، فَفِي رَدِّ بَدَلِهِ وَجْهَانِ أَشْبَهَهُمَا بِالْحَدِيثِ الْمِثْلُ، وَالْقِيَاسُ الْقِيمَةُ.

وَ (مِنْهَا) السُّلْتُ، وَهُوَ يُشَابِهُ الْحِنْطَةَ فِي صُورَتِهِ الشَّعِيرَ بِطَبْعِهِ، فَهَلْ يُلْحَقُ بِالْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ أَوْ هُوَ جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ؟ أَوْجُهٌ.

وَ (مِنْهَا) إذَا كَانَ الرِّبَوِيُّ لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ، فَيُعْتَبَرُ بِأَقْرَبِ الْأَشْيَاءِ شَبَهًا بِهِ عَلَى أَحَدِ الْأَوْجُهِ، وَقِسْ عَلَى هَذَا نَظَائِرُهُ.

وَالثَّالِثُ: اعْتِبَارُهُ فِي الْحُكْمِ ثُمَّ الْأَشْبَاهِ الرَّاجِعَةِ إلَى الصُّورَةِ

وَالرَّابِعُ: اعْتِبَارُهُ فِيهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٌ. حَكَاهُ الْقَاضِي.

وَالْخَامِسُ: اعْتِبَارُ حُصُولِ الْمُشَابَهَةِ فِيمَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ مَنَاطُ الْحُكْمِ، بِأَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِعِلَّةِ الْحُكْمِ، أَوْ عِلَّةٌ لِلْحُكْمِ. فَمَتَى كَانَ كَذَلِكَ صَحَّ الْقِيَاسُ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُشَابَهَةُ فِي الصُّورَةِ أَوْ الْمَعْنَى. وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ الرَّازِيَّ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ (قَالَ) : وَكَانَ يُنْكِرُ الْقِيَاسَ عَلَى شَبَهٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ كَوْنُهُ عِلَّةً لِلْحُكْمِ، إمَّا تَعَيُّنًا لَا احْتِمَالَ فِيهِ وَلَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ خِلَافُهُ، أَوْ تَعَيُّنًا ظَاهِرًا وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ غَيْرَهُ قَالَ: وَكَذَلِكَ كَانَ يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ وَأَبْطَلَ الْقِيَاسَ عَلَى غَيْرِ عِلَّةٍ، وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الْقَفَّالَ قَالَ بِالْحُكْمِ بِغَلَبَةِ الْأَشْبَاهِ، وَزَعَمَ أَنَّ الْأَشْبَاهَ تُنَظِّمُ الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَوْصَافَ عِلَّةِ حُكْمِ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا عِلَّةُ حُكْمِ الْفَرْعِ، لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا فِي حُكْمِ الْمَعْدُومِ، وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِغَلَبَةِ الْمَاءِ عَلَى الْمَائِعِ الطَّاهِرِ أَوْ النَّجَسِ، فَجَعَلَ مَا اخْتَلَطَ وَغَلَبَ عَلَيْهِ فِي حُكْمِ الْمَعْدُومِ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُ بِأَنَّهُ يُحْكَمُ فِي الْفَرْعِ بِحُكْمِ الْأَصْلِ لِمُشَارَكَتِهِ فِيمَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ لِلْحُكْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>