للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَ (الِاسْتِدْلَال) مَا يَكُونُ الْإِلْحَاقُ فِيهِ بِإِلْغَاءِ الْفَارِقِ الَّذِي يُفِيدُ الْقَطْعَ، حَتَّى أَجْرَوْهُ مَجْرَى الْقَطْعِيَّاتِ فِي النَّسْخِ وَجَوَّزُوا الزِّيَادَةَ عَلَى النَّصِّ وَلَمْ يُجَوِّزُوا نَسْخَهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. قَالَ الْهِنْدِيُّ: وَالْحَقُّ أَنَّ تَنْقِيحَ الْمَنَاطِ قِيَاسٌ خَاصٌّ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ مُطْلَقِ الْقِيَاسِ، وَهُوَ عَامٌّ يَتَنَاوَلُهُ وَغَيْرَهُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ يَكُونُ ظَنِّيًّا - وَهُوَ الْأَكْثَرُ - وَقَطْعِيًّا. لَكِنَّ حُصُولَ الْقَطْعِ فِيمَا فِيهِ الْإِلْحَاقُ بِإِلْغَاءِ الْفَارِقِ أَكْثَرُ مِنْ الَّذِي الْإِلْحَاقُ فِيهِ بِذِكْرِ الْجَامِعِ، لَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ فَرْقًا فِي الْمَعْنَى بَلْ فِي الْوُقُوعِ، وَحِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى.

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ يَقُولُ بِهِ أَكْثَرُ مُنْكِرِي الْقِيَاسِ، وَلَا نَعْرِفُ بَيْنَ الْأُمَّةِ خِلَافًا فِي جَوَازِهِ. وَنَازَعَهُ الْعَبْدَرِيّ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ ثَابِتٌ بَيْنَ مَنْ يُثْبِتُ الْقِيَاسَ وَيُنْكِرُهُ، لِرُجُوعِهِ إلَى الْقِيَاسِ. وَقَالَ الْإِبْيَارِيُّ: هُوَ خَارِجٌ عَنْ الْقِيَاسِ، وَكَأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى تَأْوِيلِ الظَّوَاهِرِ، وَلِهَذَا أَنْكَرَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقِيَاسَ فِي الْكَفَّارَاتِ وَقَالَ: إنَّ الْكَفَّارَةَ خَرَجَتْ عَلَى الْأَصْلِ.

وَقَالَ ابْنُ رَحَّالٍ: إنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِالتَّنْقِيحِ تَعْلِيلَ الْحُكْمِ فِي حَقِّ شَخْصٍ، كَمَا فِي حَدِيثِ الْمُجَامِعِ، فَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ، وَلَا يَكُونُ إثْبَاتُ الْحُكْمِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ، لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي حَقِّ الْأَشْخَاصِ بَلْ تَكُونُ التَّعْدِيَةُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِي عَلَى الْجَمَاعَةِ» . وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ تَعْلِيلًا فِي وَاقِعَةٍ فَلَيْسَ كَمَا قَالُوا، بَلْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْقِيَاسِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ» وَالْفَرْقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>