للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الشُّرُوطِ، فَالْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ أَمْرٌ بِهَا، أَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ مِنْ الْآلَاتِ وَالذَّوَاتِ فَتُخَرَّجُ عَلَى جَوَازِ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ، وَحِينَئِذٍ فَإِنَّمَا يَعْتَبِرُ هَذَا الشَّرْطَ مَنْ مَنْعَ تَكْلِيفَ مَا لَا يُطَاقُ. هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ، وَبِهِ جَزَمَ سُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ " قَالُوا: وَسَوَاءٌ كَانَ شَرْطًا أَوْ سَبَبًا، وَكَانَ الشَّرْطُ شَرْعِيًّا كَالْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ، أَوْ عَقْلِيًّا كَتَرْكِ أَضْدَادِ الْوَاجِبِ، أَوْ عَادِيًا كَغَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ لِغَسْلِ الْوَجْهِ. وَإِذَا قُلْنَا بِهَذَا فَاخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْوُجُوبَ هَلْ يُتَلَقَّى مِنْ نَفْسِ الصِّيغَةِ أَوْ مِنْ دَلَالَتِهَا؟ أَشَارَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ إلَى حِكَايَةِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى الثَّانِي، وَنَصَرَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ.

قَالَ: لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ، وَإِنَّمَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ اللَّفْظِيَّةَ مَا كَانَ مَسْمُوعًا فِي اللَّفْظِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ لِلشَّرْطِ لَفْظًا يَخُصُّهُ، وَلَمْ يُسْمَعْ ذَلِكَ، فَوَجَبَ أَنَّ دَلَالَتَهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى. وَيُخَرَّجُ مِنْ اخْتِلَافِ عِبَارَاتِهِمْ مَذْهَبَانِ آخَرَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَدُلُّ بِالِالْتِزَامِ.

وَالثَّانِي: بِالتَّضَمُّنِ، وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " الْبُرْهَانِ " وَ " التَّلْخِيصِ ". وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ جُزْءَ الصَّلَاةِ، فَكَيْفَ يَدُلُّ بِالتَّضَمُّنِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>