للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِلْمُطْلَقِ بِمَا لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَصَاحِبُ اللُّبَابِ ". مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: فَهْمُ الْأَشْيَاءِ الدَّقِيقَةِ، فَلَا يُقَالُ: فَقِهْت أَنَّ السَّمَاءَ فَوْقَنَا. قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَهَذَا أَوْلَى، وَلِهَذَا خَصَّصُوا اسْمَ الْفِقْهِ بِالْعُلُومِ النَّظَرِيَّةِ، فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فِي مَظِنَّةِ الْخَفَاءِ، فَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: فَهِمْت أَنَّ الِاثْنَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاحِدِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُسَمَّ الْعَالِمُ بِمَا هُوَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فَقِيهًا، فَإِنْ احْتَجَّ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ} [هود: ٩١] وَقَوْلُهُ: {فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} [النساء: ٧٨] . قُلْنَا: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَهْمَ مِنْ الْخِطَابِ يُسَمَّى فِقْهًا، لَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُسَمَّى فِقْهًا إلَّا مَا مَا كَانَ كَذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: ١٧٩] وَهَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْفَهْمِ مِنْ الْخِطَابِ، بَلْ عَدَمُ الْفَهْمِ مُطْلَقًا مِنْ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ، وَطُرُقُ الِاعْتِبَارِ، ثُمَّ الْمُرَادُ مِنْ الْفَهْمِ: الْإِدْرَاكُ، لَا جُودَةُ الذِّهْنِ مِنْ جِهَةِ تَهْيِئَتِهِ لِاقْتِنَاصِ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَطَالِبِ خِلَافًا لِلْآمِدِيِّ. [الذِّهْنُ] وَالذِّهْنُ: عِبَارَةٌ عَنْ قُوَّةِ النَّفْسِ الْمُسْتَعِدَّةِ لِاكْتِسَابِهَا الْحُدُودَ الْوُسْطَى وَالْآرَاءَ. وَقَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ: الْفَهْمُ عِبَارَةٌ عَنْ إتْقَانِ الشَّيْءِ، وَالثِّقَةِ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>