وَ (التَّنْبِيهُ) الثَّانِي (وُجُوبُ الشَّرْطِ سَمْعِيٌّ لَا عَقْلِيٌّ) إنَّ هَذَا الْوُجُوبَ سَمْعِيٌّ لَا عَقْلِيٌّ، فَإِنَّ إيجَابَ الصَّلَاةِ ثَابِتٌ بِخِطَابٍ سَمْعِيٍّ، وَذَلِكَ الْإِيجَابُ مَعَ الْخِطَابِ الدَّالِّ عَلَى كَوْنِ الْوُضُوءِ شَرْطًا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ يَسْتَلْزِمُ إيجَابَ الْوُضُوءِ، وَلَا نَعْنِي بِالسَّمْعِ إلَّا هَذَا، وَنَازَعَ صَاحِبُ ' " التَّنْقِيحَاتِ " فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ مِنْهُ الْمُعَاقَبَةُ عَلَى التَّرْكِ الَّذِي هُوَ خَاصِّيَّةُ الْوُجُوبِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِمَا فِيهَا مِنْ الِاسْتِلْزَامِ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: الصَّحِيحُ: أَنَّ الْوَسِيلَةَ فِي الْوَاجِبِ وُجُوبُهَا عَقْلِيٌّ لَا شَرْعِيٌّ، وَكَذَلِكَ وَسِيلَةُ تَرْكِ الْحَرَامِ.
(التَّنْبِيهُ) الثَّالِثُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ هَلْ هُوَ فِي الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ أَمْ فِي اللِّسَانِيِّ؟ يُحْتَمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَقُومُ بِالذَّاتِ مَعْنَى إيجَابِ الصَّلَاةِ، وَمَعْنَى اشْتِرَاطِ الْوُضُوءِ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَهَذَانِ الْمَعْنَيَانِ يَسْتَلْزِمَانِ مَعْنًى ثَالِثًا، وَهُوَ إيجَابُ الْوُضُوءِ، وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي عَلَى أَنَّ مَجْمُوعَ الْخِطَابَيْنِ يَدُلُّ عَلَى إيجَابِ الصَّلَاةِ الْتِزَامًا، وَلَا يُتَصَوَّرُ دَلَالَتُهُمَا عَلَيْهِ مُطَابِقَةً؛ لِعَدَمِ الْوَضْعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute