نَقَلَ الثِّقَاتُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ مُنْتَشِرٍ فِي جَمِيعِهِمْ وَلَمْ يُرْوَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وِفَاقُهُ لَا خِلَافُهُ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ. وَالْوَاجِبُ عِنْدَنَا الْمَصِيرُ إلَيْهِ، لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى رَاجِعٌ إلَى أَنَّ الْعَصْرَ قَدْ انْخَرَمَ وَالْحَقُّ مَعْدُومٌ، وَهَذَا مَعَ اخْتِصَاصِ الصَّحَابَةِ بِمُشَاهَدَةِ الرَّسُولِ وَمَعْرِفَةِ الْخِطَابِ مِنْهُ، إذْ الشَّاهِدُ يَعْرِفُ بِالْحَالِ مَا يَخْفَى عَلَى مَنْ بَعْدَهُ. انْتَهَى. فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوِيهِ الْمَوْصِلِيَّةِ: إذَا صَحَّ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ مَذْهَبٌ فِي حُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ لَمْ يَجُزْ مُخَالَفَتُهُ إلَّا بِدَلِيلٍ أَوْضَحَ مِنْ دَلِيلِهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُجْتَهِدِينَ تَقْلِيدُ الصَّحَابَةِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ ذَلِكَ مَعَ ظُهُورِ أَدِلَّتِهِمْ عَلَى أَدِلَّةِ الصَّحَابَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْأَدِلَّةِ وَلَمْ يُوجِبْ تَقْلِيدَ الْعُلَمَاءِ إلَّا عَلَى الْعَامَّةِ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ أَدِلَّةَ الْأَحْكَامِ.
فَائِدَةٌ أُخْرَى: ذَكَرَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِ الْفَقِيهِ وَالْمُتَفَقِّهِ " عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إذَا جَاءَ اخْتِلَافٌ عَنْ الصَّحَابَةِ نَظَرَ أَتْبَعَهُمْ لِلْقِيَاسِ إذَا لَمْ يُوجَدْ أَصْلٌ يُخَالِفُهُ. فَقَدْ خَالَفَ عَلِيٌّ عُمَرَ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ الْقِيَاسُ فِيهَا مَعَ عَلِيٍّ، وَبِقَوْلِهِ أَخَذَ. - مِنْهَا: الْمَفْقُودُ، قَالَ عُمَرُ: يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ أَرْبَعِ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ، ثُمَّ تُنْكَحُ. وَقَالَ عَلِيٌّ: لَا تُنْكَحُ أَبَدًا. وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ حَتَّى يَصِحَّ مَوْتٌ أَوْ فِرَاقٌ. - وَقَالَ عُمَرُ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ فِي سَفَرِهِ ثُمَّ يَرْتَجِعُهَا فَيَبْلُغُهَا الطَّلَاقُ، وَلَا تَبْلُغُهَا الرَّجْعَةُ حَتَّى تَحِلَّ وَتُنْكَحَ: أَنَّ زَوْجَهَا الْآخَرَ أَوْلَى إذَا دَخَلَ بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute