وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي " الْمَطْلَبِ " فِي مَسْحِ الرَّأْسِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ، وَقِيلَ: الْكُلُّ وَاجِبٌ إذْ لَيْسَ بَعْضٌ أَوْلَى، فَكَانَ الْكُلُّ وَاجِبًا، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ، كَمَا نَقَلَهُ فِي " الْبَحْرِ " عَنْهُ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ، فِيمَا إذَا أَوْصَى بِوَضْعِ بَعْضِ النُّجُومِ، وَيُحْكَى عَنْ الْكَرْخِيِّ وَنَسَبَهُ صَاحِبُ " الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ " إلَى الْجُمْهُورِ مِنْهُمْ، وَقَالَ: حَتَّى قَالُوا: إنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُطْلَبُ مِنْ الصَّبِيِّ حَتْمًا، وَلَوْ أَتَى بِهِ وَقَعَ وَاجِبًا، وَعَلَى هَذَا فَوَصْفُهُ بِالِاسْتِحْبَابِ قَبْلَ الْإِيقَاعِ، أَمَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ فَيَقَعُ فَرْضًا. وَقِيلَ عَلَيْهِ: إنَّ حُكْمَ مَسْحِ الْبَعْضِ الْمُجْزِئِ حُكْمُ خِصَالِ " الْكَفَّارَةِ " فَأَيُّ خَصْلَةٍ فَعَلَهَا حُكِمَ بِأَنَّهَا الْوَاجِبُ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي " الْمَطْلَبِ ": وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ، لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ أَحَدًا قَالَ فِيمَا إذَا صَلَّى مُنْفَرِدًا، ثُمَّ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ فَرْضًا فِي جَمَاعَةٍ، وَقُلْنَا: الثَّانِيَةُ هِيَ الْفَرْضُ: إنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَحَدُ الظُّهْرَيْنِ عَلَى التَّخْيِيرِ كَمَا فِي خِصَالِ الْكَفَّارَةِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ التَّفْصِيلُ، فَإِنْ كَانَ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْبَعْضِ أَجْزَأَهُ، فَالزَّائِدُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ كَمَسْحِ الرَّأْسِ، وَسُبُعُ الْبَدَنَةِ لِلْمُتَمَتِّعِ وَإِلَّا فَالْكُلُّ فَرْضٌ، كَمَا لَوْ أَخْرَجَ بَعِيرًا عَنْ الشَّاةِ فِي الْخُمُسِ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى خُمُسِ بَعِيرٍ فَقَطْ لَمْ يُجْزِئْهُ قَطْعًا، وَادَّعَى النَّوَوِيُّ فِي مَوْضِعٍ مِنْ " شَرْحِ الْمُهَذَّبِ " اتِّفَاقَ أَصْحَابِنَا عَلَى تَصْحِيحِهِ.
قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ الْأَمْرَ عِنْدَنَا مَا تَتَنَاوَلُهُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ، وَعِنْدُهُمْ تَتَنَاوَلُهَا. قُلْت: وَعَقَدَ سُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ " مَسْأَلَةَ الْأَمْرِ بِفِعْلِ الشَّيْءِ يَقْتَضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute