للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، وَكَاسْتِدْلَالِ الْمُخَالِفِ فِي أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ يُنَجِّسُهُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَلَا يَغْتَسِلُ فِيهِ مِنْ الْجَنَابَةِ» لِكَوْنِهِ مَقْرُونًا بِالنَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِيهِ، وَالْبَوْلُ فِيهِ يُفْسِدُهُ، فَكَذَلِكَ الِاغْتِسَالُ فِيهِ وَهُوَ غَيْرُ مَرْضِيٍّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ الِاغْتِسَالِ فِيهِ لِمَعْنَى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي مُنِعَ مِنْ الْبَوْلِ فِيهِ لِأَجْلِهِ وَلَعَلَّ الْمَعْنَى فِي النَّهْيِ عَنْ الِاغْتِسَالِ لَا تَرْتَفِعُ جَنَابَتُهُ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْحُصَرِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِهَا بِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ، وَقِيَاسًا عَلَى الْجُمْلَةِ النَّاقِصَةِ إذَا عُطِفَتْ عَلَى الْكَامِلَةِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الشَّرِكَةَ إنَّمَا وَجَبَتْ فِي النَّاقِصَةِ لِافْتِقَارِهَا إلَى مَا تَتِمُّ بِهِ، فَإِذَا تَمَّتْ بِنَفْسِهَا لَا تَجِبُ الْمُشَارَكَةُ إلَّا فِيمَا يُفْتَقَرُ إلَيْهِ.

وَيَدُلُّ عَلَى فَسَادِ هَذَا الْمَذْهَبِ قَوْله تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} [الفتح: ٢٩] فَإِنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى مَا قَبْلَهَا، وَلَا تَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>