سَبَبُ الِاخْتِلَافِ فِي الرِّوَايَاتِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الرِّسَالَةِ ": وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ الْقَوْلَ عَامًّا يُرِيدُ بِهِ الْعَامَّ، وَعَامًّا يُرِيدُ بِهِ الْخَاصَّ، وَيُسْأَلُ عَنْ الشَّيْءِ فَيُجِيبُ عَلَى قَدْرِ الْمَسْأَلَةِ، وَيُؤَدِّي عَنْهُ الْمُخْبَرُ الْخَبَرَ مُبَعَّضًا، وَالْخَبَرَ مُخْتَصَرًا، وَالْخَبَرُ يَأْتِي بِبَعْضِ مَعْنَاهُ دُونَ بَعْضٍ، وَيُحَدِّثُ الرَّجُلُ عَنْهُ الْحَدِيثَ قَدْ أَدْرَكَ جَوَابَهُ وَلَمْ يُدْرِكْ الْمَسْأَلَةَ عَلَى حَقِيقَةِ الْجَوَابِ لِمَعْرِفَتِهِ السَّبَبَ الَّذِي يُخَرَّجُ عَلَيْهِ الْجَوَابُ، وَيَسُنُّ فِي الشَّيْءِ سُنَّةً وَفِيمَا يُخَالِفُهُ أُخْرَى فَلَا يَخْلُصُ بَعْضُ السَّامِعِينَ مِنْ اخْتِلَافِ الْحَالَتَيْنِ اللَّتَيْنِ سُنَّ فِيهِمَا، وَيَسُنُّ سُنَّةً فِي نَصِّ مَعْنَاهُ فَيَحْفَظُهُمَا حَافِظٌ آخَرُ فِي مَعْنَى، يُخَالِفُهُ فِي مَعْنَى، وَيُجَامِعُهُ فِي مَعْنَى سُنَّةِ غَيْرِهَا لِاخْتِلَافِ الْحَالَيْنِ فَيَحْفَظُ غَيْرُهُ تِلْكَ السُّنَّةَ، فَإِذَا أَدَّى كُلٌّ مَا حَفِظَ رَآهُ بَعْضُ السَّامِعِينَ اخْتِلَافًا، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ. وَيَسُنُّ بِلَفْظٍ مَخْرَجُهُ عَامٌّ جُمْلَةً بِتَحْرِيمِ شَيْءٍ أَوْ تَحْلِيلِهِ، وَلَيْسَ فِي غَيْرِهِ خِلَافُ الْجُمْلَةِ فَيُسْتَدَلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِمَا حَرَّمَ مَا أَحَلَّ، وَلَا بِمَا أَحَلَّ مَا حَرَّمَ. قَالَ: وَلَمْ نَجِدْ عَنْهُ شَيْئًا مُخْتَلِفًا فَكَشَفْنَاهُ إلَّا وَجَدْنَا لَهُ وَجْهًا يَحْتَمِلُ بِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مُخْتَلِفًا، وَأَنْ يَكُونُ دَاخِلًا فِي الْوُجُوهِ الَّتِي وُصِفَتْ. انْتَهَى. .
الْقَوْلُ فِي تَرْجِيحِ الظَّوَاهِرِ مِنْ الْأَخْبَارِ الْمُتَعَارِضَةِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إلَى ظَنِّ الْمُجْتَهِدِ، أَوْ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ خَلَلٍ بِسَبَبِ الرُّوَاةِ، كَمَا سَبَقَ. .
وَأَمَّا التَّعَارُضُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَيْنَ حَدِيثَيْنِ صَحِيحَيْنِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لَا أَعْرِفُ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ الرَّسُولِ حَدِيثَانِ بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَلِيَأْتِ بِهِ حَتَّى أُؤَلِّفَ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الرِّسَالَةِ ": وَلَمْ نَجِدْ حَدِيثَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ إلَّا وَلَهُمَا مَخْرَجٌ، أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا دَلَالَةٌ إمَّا مُوَافِقَةُ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ السُّنَّةِ أَوْ بَعْضِ الدَّلَائِلِ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute