للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي أَوَّلِ الْقِيَاسِ تَأْوِيلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: " الْقِيَاسُ وَالِاجْتِهَادُ بِمَعْنًى " وَقِيلَ: طَلَبُ الصَّوَابِ بِالْأَمَارَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَهُوَ أَلْيَقُ بِكَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ: اسْمُ الِاجْتِهَادِ يَقَعُ فِي الشَّرْعِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ: أَحَدُهَا - الْقِيَاسُ الشَّرْعِيُّ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مُوجِبَةَ الْحُكْمِ لِجَوَازِ وُجُودِهَا خَالِيَةً مِنْهُ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ الْعِلْمَ بِالْمَطْلُوبِ، فَلِذَلِكَ كَانَ طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادَ وَالثَّانِي - مَا يَغْلِبُ فِي الظَّنِّ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ، كَالِاجْتِهَادِ فِي الْمِيَاهِ وَالْوَقْتِ وَالْقِبْلَةِ وَتَقْوِيمِ الْمُتْلَفَاتِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُتْعَةِ وَالنَّفَقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَالثَّالِثُ - الِاسْتِدْلَال بِالْأُصُولِ

مَسْأَلَةٌ قَالَ الشِّهْرِسْتَانِيّ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ ": " الِاجْتِهَادُ فَرْضُ كِفَايَةٍ حَتَّى لَوْ اشْتَغَلَ بِتَحْصِيلِهِ وَاحِدٌ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ الْجَمِيعِ، وَإِنْ قَصَّرَ مِنْهُ أَهْلُ عَصْرٍ عَصَوْا بِتَرْكِهِ وَأَشْرَفُوا عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ، فَإِنَّ الْأَحْكَامَ الِاجْتِهَادِيَّةَ إذَا كَانَتْ مُتَرَتِّبَةً عَلَى الِاجْتِهَادِ تَرْتِيبَ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ، وَلَمْ يُوجَدْ السَّبَبُ كَانَتْ الْأَحْكَامُ عَاطِلَةً، وَالْآرَاءُ كُلُّهَا مُتَمَاثِلَةً فَلَا بُدَّ إذًا مِنْ مُجْتَهِدٍ " قُلْت: وَسَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ جَوَازِ خُلُوِّ الْعَصْرِ عَنْ الْمُجْتَهِدِ مَا يُنَازَعُ فِي ذَلِكَ

مَسْأَلَةٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِالِاجْتِهَادِ فِي الْحَوَادِثِ، خِلَافًا لِلنَّظَّامِ، وَخِلَافُهُ فِيهِ وَفِي الْقِيَاسِ وَاحِدٌ، كَمَا قَالَهُ الرَّازِيَّ، وَإِنْكَارُهُ مُكَابَرَةٌ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>