مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، وَأَسَامِيهِمْ مَعْلُومَةٌ فِي التَّوَارِيخِ وَلَا شَكَّ فِي كَوْنِ الْعَشَرَةِ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، وَكَذَلِكَ مَنْ انْتَشَرَتْ فَتَاوِيهِ، كَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمْ، فَإِنَّهُمْ كَثُرَتْ فَتَاوِيهِمْ وَنُقِلَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُمْ قَالُوا: أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ وَجَابِرٌ لَيْسُوا فُقَهَاءَ، وَإِنَّمَا هُمْ رُوَاةُ أَحَادِيثَ وَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ أَفْتَى فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَتَأَهَّلَ لِلْإِمَامَةِ فَزَهِدَ فِيهَا وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَلِيَ الْقَضَاءَ، وَأَنَسٌ وَجَابِرٌ أَفْتَيَا فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَأَمَّا التَّابِعُونَ فَقَدْ اشْتَهَرَ الْمُجْتَهِدُونَ فِيهِمْ، كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ نُقِلَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ: وَاعِظٌ وَمُعَبِّرٌ، ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَهَذَا بَاطِلٌ فَإِنَّ الْحَسَنَ أَفْتَى فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ، وَابْنُ سِيرِينَ كَذَلِكَ وَقَدْ شَهِدَ لَهُمَا أَهْلُ عَصْرِهِمَا بِالْجَلَالَةِ وَالْإِمَامَةِ وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ فَأَهْلٌ لِلِاجْتِهَادِ وَلَا مَحَالَةَ وَكَذَلِكَ الْفُقَهَاءُ الْخَمْسَةُ أَرْبَابُ الْمَذَاهِبِ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا وَأَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُزَنِيّ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سُرَيْجٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَلْحَقَ هَؤُلَاءِ بِرُتْبَةِ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الدِّينِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُمْ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْمَذَاهِبِ قُلْت: وَمَا ذَكَرَهُ إلْكِيَا فِي أَبِي هُرَيْرَةَ تَابَعَ فِيهِ الْقَاضِي، فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُفْتِيًا وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ الرُّوَاةِ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْفُقَهَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْحَنَفِيُّ فِي التَّحْقِيقِ ": كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقِيهًا، وَلَمْ يَعْدَمْ شَيْئًا مِنْ أَسْبَابِ الِاجْتِهَادِ، وَقَدْ كَانَ يُفْتِي فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ، وَمَا كَانَ يُفْتِي فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إلَّا فَقِيهٌ مُجْتَهِدٌ وَقَدْ جَمَعَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ السُّبْكِيُّ جُزْءًا فِي فَتَاوَى أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ فِي الْمَنْخُولِ ": وَالضَّابِطُ عِنْدَنَا فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَلِمْنَا قَطْعًا أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute