وَأَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ فِي " الْوَجِيزِ " أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ، وَقَالَ فِي " الْوَسِيطِ ": وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ. وَقَالَ الْقَفَّالُ: لَا يَلِيقُ بِأَصْلِ الشَّافِعِيِّ تَعْيِينُ الْحُكْمِ بِالشُّرُوعِ، فَإِنَّ الشُّرُوعَ لَا يُغَيِّرُ حَقِيقَةَ الْمَشْرُوعِ فِيهِ، وَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ التَّطَوُّعُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَقَالَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْتِقَاطِ الْمَنْبُوذِ: وَمَنْ لَابَسَ فَرْضًا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَكَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ إتْمَامِهِ، فَإِنْ أَرَادَ الْإِضْرَابَ عَنْهُ، فَقَدْ نَقُولُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَصِيرُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِالْمُلَابَسَةِ مُتَعَيِّنًا، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ وَتَفْصِيلٌ سَأَذْكُرُهُ فِي بَابِ السِّيَرِ. قُلْت: وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمَفْعُولِ أَوَّلًا، أَمَّا لَوْ شَرَعَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ فَعَلَهُ غَيْرُهُ هَلْ يَلْزَمُ؟ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي " الْبَحْرِ ": لَوْ شَرَعَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَعْدَمَا صَلَّى عَلَيْهَا فَرْضَ الْكِفَايَةِ هَلْ لَهُ " الْخُرُوجُ؟ " يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ يَنْبَنِيَانِ عَلَى أَصْلٍ، وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ الثَّانِيَةَ تَقَعُ فَرْضًا أَمْ لَا؟ وَفِيهِ جَوَابَانِ، وَالْقِيَاسُ عِنْدِي: أَنَّهُ لَا يَقَعُ فَرْضًا، لِأَنَّ الْفَرْضَ مَا لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ. اهـ. وَيَنْبَغِي جَرَيَانُهُ فِي سَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، وَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ فَرْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute