فُتْيَا مُتَبَحِّرِ الْمَذْهَبِ بِمَذْهَبِ الْمَيِّتِ عَلَى جَوَازِ تَقْلِيدِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ النَّاقِلَ بِحَيْثُ لَا يُوثَقُ بِنَقْلِهِ فَهْمًا، وَإِنْ وُثِقَ بِهِ نَقْلًا تَطَرَّقَ عَدَمُ الْوُثُوقِ بِفَهْمِهِ إلَى عَدَمِ الْوُثُوقِ بِنَقْلِهِ، وَصَارَ عَدَمُ قَبُولِهِ لِعَدَمِ حُجَّةِ الْمَذْهَبِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ، لَا لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقَلِّدُ، فَلَيْسَ التَّفْصِيلُ وَاقِفًا، غَيْرَ أَنَّ عُذْرَ الْهِنْدِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ الْمَسْأَلَةَ لِتَقْلِيدِ الْمَيِّتِ، كَمَا فَعَلَ الْإِمَامُ. تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ قِيلَ: الْخِلَافُ هُنَا مُخْرِجٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ عِنْدَ حُدُوثِ الْحَادِثَةِ مَرَّةً أُخْرَى.
الثَّانِي قَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، بِمَا إذَا كَانَ فِي الْعَصْرِ مُجْتَهِدٌ أَوْ مُجْتَهِدُونَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا خِلَافَ فِي تَقْلِيدِ الْمَيِّتِ، لِئَلَّا تَضِيعَ الشَّرِيعَةُ، قَالَ: وَإِطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ. إنَّمَا النَّظَرُ فِي شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إذَا لَمْ يَخْلُ عَنْ مُجْتَهِدٍ، فَفِي ظَنِّ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ يُقَلِّدُ الْمَيِّتَ حِينَئِذٍ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ الْغَزَالِيِّ، وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، أَنَّهُ يَجِبُ تَقْلِيدُ مُجْتَهِدِ الْعَصْرِ، وَلَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَيِّتِ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَقْلِيدِ الْمَوْتَى إلَّا مِنْ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِينَ، فَاجْتَمَعَ قَوْلُ الْإِمَامِ: " انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ " وَقَوْلُهُ: " لَا مُجْتَهِدَ فِي الزَّمَانِ "، إذَا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الزَّمَانِ مُجْتَهِدٌ، لَمْ يَنْعَقِدْ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَقْلِيدٍ، بَلْ إمَّا أَنْ تَخْتَلِفَ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ فِي تَقْلِيدِ الْمَيِّتِ عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute