الْجُمْلَةِ، قَالَ: وَلَا يَجِيءُ ذَلِكَ فِي اتِّبَاعِ مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ الشَّافِعِيِّ، لِتَفَاوُتِ مَرَاتِبِهِمْ وَعُسْرِ الْوُقُوفِ عَلَيْهَا. قُلْت: وَقَدْ عَمِلَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ، وَقَدَّمَ فَتْوَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ عَلَى ظَاهِرِ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَصَنَّفَ فِيهِ تَصْنِيفًا، قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ الْمُقَلَّدُ نَصَّ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَصِحَّ فِيهِ مَذْهَبٌ، فَلَيْسَ إلَّا تَقْلِيدُ مُفْتِي الزَّمَانِ.
مَسْأَلَةٌ إذَا اجْتَهَدَ مُجْتَهِدٌ فِي حَادِثَةٍ، فَلَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ، فَيَعْمَلُ بِهِ، ثُمَّ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ خِلَافُهُ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُ الثَّانِي - أَيْضًا - ظَنًّا، فَإِنْ كَانَ فِي حُكْمٍ لَمْ يَنْقُضْهُ، إذْ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ أَخَذَ بِالثَّانِي الَّذِي رَجَحَ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُ الثَّانِي أَيْضًا يَقِينًا أَخَذَ بِهِ. الثَّالِثَةُ: أَنْ لَا يَظْهَرَ لِلْمُجْتَهِدِ فِيهِ شَيْءٌ فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، وَالْأَصَحُّ الِامْتِنَاعُ، وَعَلَى هَذَا فَيَجِيءُ خِلَافُ التَّخْيِيرِ أَوْ الْوَقْفِ.
مَسْأَلَةٌ إذَا اجْتَهَدَ مُجْتَهِدٌ فِي حُكْمِ وَاقِعَةٍ، وَبَلَغَ إلَى حُكْمِهَا، ثُمَّ تَكَرَّرَتْ تِلْكَ الْوَاقِعَةُ، وَتَجَدَّدَ مَا يَقْتَضِي الرُّجُوعَ، وَلَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ، وَجَبَ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَجَدَّدْ، لَا إنْ كَانَ ذَاكِرًا عَلَى الْمُخْتَارِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute