للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ قَضِيَّةُ اسْتِدْلَالِهِ. وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنْهُ فِي " الْبُرْهَانِ " وَإِلْكِيَا الْهِرَّاسِيُّ: أَنَّهُ بَاحَ بِإِنْكَارِ الْمُبَاحِ فِي الشَّرِيعَةِ، وَقَالَ: هُوَ وَاجِبٌ، وَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْوَجِيزِ " وَ " الْأَوْسَطِ " وَالْآمِدِيَّ وَغَيْرُهُمْ وَالْأَلْيَقُ بِهِ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَكَذَلِكَ نَقَلَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَنَسَبَهُ إلَى مُعْتَزِلَةِ بَغْدَادَ، فَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ إذَنْ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ، فَقَدْ قَالَ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ: حَكَاهُ عَنْهُ الْبَاجِيُّ، ثُمَّ قَالَ: إنْ كَانَ مُرَادُهُمْ بِكَوْنِ الْمُبَاحِ مَأْمُورًا بِهِ أَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ، فَالْخِلَافُ فِي الْعِبَارَةِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنَّ الْإِبَاحَةَ لِلْفِعْلِ اقْتِضَاءٌ لَهُ عَلَى جِهَةِ الْإِيجَابِ أَوْ النَّدْبِ وَأَنَّ فِعْلَ الْمُبَاحِ خَيْرٌ مِنْ تَرْكِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ.

وَقَالَ الْإِبْيَارِيُّ: ذَهَبَ الْكَعْبِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا مُبَاحَ فِي الشَّرِيعَةِ، وَلَهُ مَأْخَذَانِ. أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُ أَنَّ الْمُبَاحَ مَأْمُورٌ بِهِ وَلَكِنَّهُ دُونَ النَّدْبِ، كَمَا أَنَّ الْمَنْدُوبَ مَأْمُورٌ بِهِ وَلَكِنْ دُونَ الْوَاجِبِ، وَهَذَا بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْمُبَاحَ حَسَنٌ، وَيَحْسُنُ أَنْ يَطْلُبَهُ الطَّالِبُ لِحُسْنِهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ فِي الْفَتْوَى، وَهُوَ غَيْرُ مَعْقُولٍ، فَإِنَّ هَذَا الْمَطْلُوبَ إمَّا أَنْ يَتَرَجَّحَ فِعْلُهُ عَلَى تَرْكِهِ أَوْ لَا: فَإِنْ لَمْ يَتَرَجَّحْ فَهُوَ الْمُبَاحُ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ تَرَجَّحَ فَإِنْ لَحِقَ الذَّمُّ عَلَى تَرْكِهِ؛ فَهُوَ الْوَاجِبُ، وَإِلَّا فَهُوَ الْمَنْدُوبُ، وَمَنْ تَخَيَّلَ وَاسِطَةً فَلَا عَقْلَ لَهُ. انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>