قُلْت: وَعَلَيْهِ جَرَى الشَّيْخُ فِي اللُّمَعِ "، وَالْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى "، وَابْنُ بَرْهَانٍ فِي الْأَوْسَطِ "، وَقَالَ: أُصُولُ الْفِقْهِ أَدِلَّةُ الْفِقْهِ عَلَى طَرِيقِ الْإِجْمَالِ، وَكَيْفِيَّةُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ. اهـ. بَلْ قَدْ يُقَالُ: الدَّلِيلُ هُوَ الْأَصْلُ بِالذَّاتِ، وَالْبَاقِي بِالتَّبَعِ لِضَرُورَةِ الِاسْتِدْلَالِ بِالدَّلِيلِ. قَالَ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ ". وَالْمُرَادُ بِكَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ هَاهُنَا الشُّرُوطُ وَالْمُقَدِّمَاتُ وَتَرْتِيبُهَا مَعَهُ، لِيُسْتَدَلَّ بِالطُّرُقِ عَلَى الْفِقْهِ. هَذَا مَا أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْأُصُولِيُّونَ، وَالْفُقَهَاءُ يُطْلِقُونَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ الَّتِي تَنْدَرِجُ فِيهَا الْجُزْئِيَّاتُ، كَقَوْلِهِمْ: الْأَصْلُ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ. وَقَوْلِهِمْ: يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْعَامَّةِ الَّتِي يَنْدَرِجُ فِيهَا الْفُرُوعُ الْمُنْتَشِرَةُ، وَعَلَيْهِ سَمَّى الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ كِتَابَهُ " الْقَوَاعِدَ "، وَيُقَالُ: إنَّهُ أَوَّلُ مَنْ اخْتَرَعَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ. وَيُوجَدُ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ مُتَفَرِّقَاتٌ مِنْهَا. هَلْ الْأُصُولُ هَذِهِ الْحَقَائِقُ أَنْفُسُهَا أَوْ الْعِلْمُ بِهَا؟ طَرِيقَانِ. وَكَلَامُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْعِلْمُ بِالْأَدِلَّةِ، وَعَلَيْهِ الْبَيْضَاوِيُّ، وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمَا، وَقَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ " وَالرَّازِيَّ وَالْآمِدِيَّ بِأَنَّهُ نَفْسُ الْأَدِلَّةِ. وَوَجْهُ الْخِلَافِ أَنَّهُ كَمَا يَتَوَقَّفُ الْفِقْهُ عَلَى هَذِهِ الْحَقَائِقِ يَتَوَقَّفُ أَيْضًا عَلَى الْعِلْمِ بِهَا، فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ إطْلَاقُ أُصُولِ الْفِقْهِ عَلَى الْقَوَاعِدِ أَنْفُسِهَا، وَعَلَى الْعِلْمِ بِهَا. وَالثَّانِي أَوْلَى لِوُجُوهٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute