أَدِلَّةِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ. قِيلَ لَهُ: إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأُصُولِ تَثْبِيتُهَا أَدِلَّةً عَلَى وُجُوبِ الْأَعْمَالِ، وَذَلِكَ مِمَّا يُدْرَكُ بِالْأَدِلَّةِ الْقَاطِعَةِ، وَأَمَّا الْعَمَلُ الْمُتَلَقَّى مِنْهَا فَيَتَعَلَّقُ بِالْفِقْهِ دُونَ أُصُولِهِ. وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ ": فَإِنْ قِيلَ: مُعْظَمُ الْمَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ ظُنُونٌ. قُلْنَا: لَيْسَتْ الظُّنُونُ فِقْهًا، وَإِنَّمَا الْفِقْهُ الْعِلْمُ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ عِنْدَ قِيَامِ الظُّنُونِ. وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: أَخْبَارُ الْآحَادِ وَالْأَقْيِسَةُ لَا تُوجِبُ الْعَمَلَ لِذَوَاتِهَا، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِمَا يَجِبُ بِهِ الْعِلْمُ بِالْعَمَلِ، وَهُوَ الْأَدِلَّةُ الْقَطْعِيَّةُ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ عِنْدَ رِوَايَةِ الْآحَادِ وَقِيَامِ الْأَقْيِسَةِ. قَالَ: وَهُمَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدَا إلَّا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ لَكِنْ حَظُّ الْأُصُولِيِّ إبَانَةُ الْقَاطِعِ فِي الْعَمَلِ بِهَا، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا لِيُبْنَى الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ، وَيَرْتَبِطَ الدَّلِيلُ بِهِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ، وَقَالَ: أَطْلَقَ الْفُقَهَاءُ لَفْظَ الدَّلِيلِ عَلَى أَخْبَارِ الْآحَادِ وَالْقِيَاسِ، وَهُوَ خِلَافٌ هَيِّنٌ. .
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: الْغَرَضُ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ مَعْرِفَةُ أَدِلَّةِ أَحْكَامِ الْفِقْهِ، وَمَعْرِفَةُ طُرُقِ الْأَدِلَّةِ، لِأَنَّ مَنْ اسْتَقْرَأَ أَبْوَابَهُ وَجَدَهَا إمَّا دَلِيلًا عَلَى حُكْمٍ أَوْ طَرِيقًا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى مَعْرِفَةِ الدَّلِيلِ، وَذَلِكَ كَمَعْرِفَةِ النَّصِّ، وَالْإِجْمَاعِ، وَالْقِيَاسِ، وَالْعِلَلِ، وَالرُّجْحَانِ. وَهَذِهِ كُلُّهَا مَعْرِفَةٌ مُحِيطَةٌ بِالْأَدِلَّةِ الْمَنْصُوصَةِ عَلَى الْأَحْكَامِ. وَمَعْرِفَةُ الْأَخْبَارِ وَطُرُقِهَا مَعْرِفَةٌ بِالطُّرُقِ الْمُوَصِّلَةِ إلَى الدَّلَائِلِ الْمَنْصُوصَةِ عَلَى الْأَحْكَامِ. وَهَاهُنَا أُمُورٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْأَسْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَةَ فِي هَذِهِ الْعُلُومِ. كَأُصُولِ الْفِقْهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute