بِفِعْلِهِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، فَإِذَا أَتَى الْمُكَلَّفُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ انْقَطَعَ عَنْهُ تَعَلُّقُ الْخِطَابِ، وَهَذَا هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي تَفْسِيرِ الصِّحَّةِ بِمُوَافَقَةِ الْأَمْرِ.
وَقِيلَ: إسْقَاطُ الْقَضَاءِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ فِي الصِّحَّةِ، وَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِالْأَدَاءِ، لِأَنَّا نُعَلِّلُ الْإِجْزَاءَ بِأَدَاءِ الْفِعْلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ، فَنَقُولُ: أَدَّى مَا أُمِرَ بِهِ كَمَا أُمِرَ.
وَعَسُرَ عَلَى بَعْضِهِمْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجْزَاءِ وَالصِّحَّةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْإِجْزَاءَ أَعَمُّ، وَيَخْتَصُّ الْإِجْزَاءُ بِالْعِبَادَاتِ فَلَا مَعْنَى لَهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَيَخْتَصُّ بِالْعِبَادَةِ الَّتِي وُقُوعُهَا بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرُهَا، أَوْ لَا يَتَرَتَّبُ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، فَأَمَّا مَا يَقَعُ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ فَلَا يُوصَفُ بِهِ، كَمَعْرِفَةِ اللَّهِ، وَرَدِّ الْوَدِيعَةِ، وَيَخْتَصُّ أَيْضًا بِالْمَطْلُوبِ أَعَمُّ مِنْ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ.
وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِالْوَاجِبِ. لَا يُقَالُ فِي الْمَنْدُوبِ: إنَّهُ مُجْزِئٌ أَوْ غَيْرُ مُجْزِئٍ، وَنَصَرَهُ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَحْصُولِ "، وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الضَّحَايَا» مَعَ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ سُنَّةٌ، وَكَذَا «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَنَاقِ أَبِي بُرْدَةَ: يُجْزِئُك وَلَنْ يُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَك» وَإِنْ كَانَتْ الْأُضْحِيَّةُ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute