للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَمْ أَجِدْ لَهُ مِثَالًا بَعْدَ الْبَحْثِ الْكَثِيرِ إلَّا التَّيَمُّمَ عِنْدَ وُجْدَانِ الْمَاءِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ، وَالْوُضُوءُ مُسْتَوِيًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْحَابِنَا.

قُلْت: هَذَا إنْ جَعَلْنَا التَّيَمُّمَ رُخْصَةً، وَفِيهِ خِلَافٌ: وَالْأَوْلَى: التَّمْثِيلُ بِتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ، وَفِي الْحَدِيثِ التَّصْرِيحُ بِالرُّخْصَةِ فِيهِ لِلْعَبَّاسِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِبَادَاتِ، أَمَّا الْمُعَامَلَاتِ فَرُخَصُهَا كَثِيرَةٌ كَالسَّلَمِ وَالْإِجَارَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْعَرَايَا عَلَى أَنَّ الْغَزَالِيَّ فِي الْمُسْتَصْفَى " أَبْدَى احْتِمَالَيْنِ فِي السَّلَمِ، وَكَذَلِكَ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ " بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَرَايَا، وَسَنَذْكُرُ فِي الْقِيَاسِ عَلَى الرُّخَصِ، بَلْ يَأْتِي فِي غَيْرِ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ، وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ " لَبَنُ الْمَأْكُولِ طَاهِرٌ، وَذَلِكَ عِنْدِي فِي حُكْمِ الرُّخَصِ، فَإِنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ إلَيْهَا وَقَدْ امْتَنَّ اللَّهُ بِإِحْلَالِهَا. وَذَكَرَ فِي الْبَسِيطِ " مِثْلَهُ فِي شَعْرِ الْمَأْكُولِ الْبَائِنِ فِي حَيَاتِهِ أَنَّهُ رُخْصَةٌ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي الْمَلَابِسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>