لَوْ وَقَعَ بَعْضُهُ كَرَكْعَةٍ، فَالصَّحِيحُ: أَنَّ الْجَمِيعَ أَدَاءٌ تَبَعًا لِلرَّكْعَةِ، فَإِنَّهَا لِمُعْظَمِ الصَّلَاةِ وَقِيلَ: بَلْ يُحْكَمُ بِبَقَاءِ الْوَقْتِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَتَكُونُ الْعِبَادَةُ كُلُّهَا مَفْعُولَةً فِي الْوَقْتِ، وَهَذَا أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ: بَعْضُهَا خَارِجَ الْوَقْتِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُضَيَّقًا كَصَوْمِ رَمَضَانَ، أَوْ مُوَسَّعًا كَالصَّلَاةِ وَسَوَاءٌ فُعِلَ قَبْلَ ذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى أَمْ لَا.
هَذَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي التَّقْرِيبِ " وَالْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى " وَالْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ ".
ثُمَّ قَالَ الْإِمَامُ: فَإِنْ فَعَلَ ثَانِيًا بَعْدَ ذَلِكَ سُمِّيَ إعَادَةً، فَظَنَّ أَتْبَاعُهُ أَنَّهُ مُخَصِّصٌ لِلْإِطْلَاقِ السَّابِقِ فَقَيَّدُوهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
فَالصَّوَابُ: أَنَّ الْأَدَاءَ اسْمٌ لِمَا وَقَعَ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا مَسْبُوقًا كَانَ أَوْ سَابِقًا، وَإِنْ سَبَقَهُ أَدَاءً مُخْتَلٌّ سُمِّيَ إعَادَةً، فَالْإِعَادَةُ قِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ الْأَدَاءِ، فَكُلُّ إعَادَةٍ أَدَاءٌ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا تَقْتَضِيهِ عِبَارَةُ التَّحْصِيلِ " وَالْمِنْهَاجِ " مِنْ كَوْنِهِ قَسِيمًا لَهُ.
وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْخَلَلِ فِي الْإِجْزَاءِ كَمَنْ صَلَّى بِدُونِ شَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ، أَوْ فِي الْكَمَالِ كَمَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا ثُمَّ أَعَادَهَا فِي جَمَاعَةٍ فِي الْوَقْتِ؟ خِلَافٌ، وَالْأَوَّلُ: قَوْلُ الْقَاضِي.
فَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْإِعَادَةَ فِعْلٌ مِثْلُ مَا مَضَى فَاسِدًا كَانَ الْمَاضِي أَوْ صَحِيحًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَقِيلَ: لَا يُعْتَبَرُ الْوَقْتُ فِي الْإِعَادَةِ. فَعَلَى هَذَا بَيْنَ الْأَدَاءِ وَالْإِعَادَةِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ، فَيَنْفَرِدُ الْأَدَاءُ فِي الْفِعْلِ الْأَوَّلِ، وَتَنْفَرِدُ الْإِعَادَةُ بِمَا إذَا قَضَى صَلَاةً، وَأَفْسَدَهَا، ثُمَّ أَعَادَهَا، وَيَجْتَمِعَانِ فِي الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ فِي الْوَقْتِ عَلَى مَا سَبَقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute