للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: هُوَ إلْزَامٌ فِيهِ كُلْفَةٌ

، وَعَلَى هَذَا فَالنَّدْبُ وَالْكَرَاهَةُ لَا كُلْفَةَ فِيهِمَا، لِأَنَّهَا تُنَافِي التَّخْيِيرَ.

قَالَ فِي الْمَنْخُولِ ": وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ التَّخْيِيرَ عِبَارَةٌ عَمَّا خُيِّرَ بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ، وَالنَّدْبُ مَطْلُوبُ الْفِعْلِ مُثَابٌ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَحْصُلْ التَّسَاوِي، وَمَا نَقَلْنَا عَنْ الْقَاضِي تَبِعَنَا فِيهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، لَكِنَّ الَّذِي فِي التَّقْرِيبِ " لِلْقَاضِي: أَنَّهُ إلْزَامُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ كَمَقَالَةِ الْإِمَامِ فَلْيُنْظَرْ، فَلَعَلَّ لَهُ قَوْلَيْنِ.

وَزَعَمَ الْإِمَامُ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْحَظْرَ وَالْوُجُوبَ قَطْعًا، وَلَا يَتَنَاوَلُ الْإِبَاحَةَ قَطْعًا إلَّا عِنْدَ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَفِي تَنَاوُلِهِ النَّدْبَ وَالْكَرَاهَةَ خِلَافٌ وَسَلَكَتْ الْحَنَفِيَّةُ مَسْلَكًا آخَرَ فَقَالُوا: التَّكْلِيفُ يَنْقَسِمُ إلَى وُجُوبِ أَدَاءً، وَهُوَ الْمُطَالَبَةُ بِالْفِعْلِ إيجَادًا أَوْ إعْدَامًا، وَإِلَى وُجُوبٍ فِي الذِّمَّةِ سَابِقٍ عَلَيْهِ، وَعَنَوْا بِهِ اشْتِغَالَ الذِّمَّةِ بِالْوَاجِبِ، وَإِذَا لَمْ يَصْلُحْ صَاحِبُ الذِّمَّةِ لِلْإِلْزَامِ، كَالصَّبِيِّ إذَا أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ فَإِنَّ ذِمَّتَهُ تَشْتَغِلُ بِالْعِوَضِ، ثُمَّ إنَّمَا يَجِبُ الْأَدَاءُ عَلَى الْوَلِيِّ.

وَزَعَمُوا اسْتِدْعَاءَ التَّكْلِيفِ الْأَوَّلِ عَقْلًا وَفَهْمًا لِلْخِطَابِ بِخِلَافِ الثَّانِي: قَالُوا: الْأَوَّلُ مُتَلَقًّى مِنْ الْخِطَابِ، وَالثَّانِي مِنْ الْأَسْبَابِ فَمُسْتَغْرِقُ الْوَقْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>