للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ فِي بَابِ الْحَجْرِ مِنْ النِّهَايَةِ ": كَأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُلْزِمْ الصَّبِيَّ قَضَايَا التَّكْلِيفِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدِهِمَا: أَنَّهُ مِنْ مَظِنَّةِ الْغَبَاوَةِ وَضَعْفِ الْعَقْلِ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِأَعْبَاءِ التَّكْلِيفِ.

وَثَانِيهِمَا: أَنَّهُ عَرَى عَنْ الْبَلِيَّةِ الْعُظْمَى، وَهِيَ الشَّهْوَةُ فَرَبَطَ الشَّرْعُ الْتِزَامَ التَّكْلِيفِ بِأَمَدٍ وَتَرْكِيبِ الشَّهْوَةِ، أَمَّا الْأَمَدُ فَيُشِيرُ إلَى التَّهْذِيبِ بِالتَّجَارِبِ، وَأَمَّا تَرْكِيبُ الشَّهْوَةِ فَإِنَّهُ يُعَرِّضُ لِلْبَلَايَا الْعِظَامِ، فَرَأَى الشَّرْعُ تَثْبِيتَ التَّكْلِيفِ مَعَهُ زَاجِرًا.

وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ مُرَادُهُمْ وُجُوبُ الْأَخْذِ مِنْ مَالِهِ لَا خِطَابُ الْأَدَاءِ.

وَنَقَلَ ابْنُ بَرْهَانٍ أَنَّ الصَّبِيَّ مُخَاطَبٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مِنَّا وَمِنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ خِطَابُ الْوَضْعِ.

وَقَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ " فِي الْفِقْهِ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي بَابِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ: الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ لَا يَدْخُلَانِ فِي خِطَابِ الْمُوَاجَهَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ} [البقرة: ٢٧٨] وَيَدْخُلَانِ فِي خِطَابِ الْإِلْزَامِ، كَقَوْلِهِ: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ} [النساء: ٩٢] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» وَذَكَرَ ابْنُ كَجٍّ نَحْوَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>