للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضِّدَّيْنِ، وَالْمُمْتَنِعُ لِغَيْرِهِ كَتَعَلُّقِ الْعِلْمِ الْقَدِيمِ أَنَّ فُلَانًا يَمُوتُ كَافِرًا وَهُوَ أَمْثَالُ الْمَشْهُورِ فِي هَذَا الْبَابِ. فَإِذَنْ الْمُحَالُ ضَرْبَانِ: مُحَالٌ لِذَاتِهِ وَمُحَالٌ لِغَيْرِهِ، وَالْخِلَافُ مَوْجُودٌ فِيهِمَا.

وَيُطْلِقُهُ الْأُصُولِيُّونَ وَالْمُتَكَلِّمُونَ عَلَى أَرْبَعَةِ مَعَانٍ: أَحَدُهَا: مَا لَا يُعْقَلُ عَلَى حَالٍ، وَهُوَ الْمُسْتَحِيلُ لِذَاتِهِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ وَقَلْبِ الْأَجْنَاسِ، وَإِعْدَامِ الْقَدِيمِ، وَإِيجَادِ الْمَوْجُودِ.

الثَّانِي: عَلَى مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ مَقْدُورِ الْبَشَرِ، وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا فِي نَفْسِهِ كَخَلْقِ الْجَوَاهِرِ وَالْأَعْرَاضِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقُدْرَةِ الْحَادِثَةِ وَإِلَّا لَمَا أَدْرَكُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ عَجْزًا عَنْهُ.

الثَّالِثُ: مَا لَا يَقْدِرُ الْعِبَادُ عَلَيْهِ فِي الْعَادَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَقْدُورِهِمْ، كَالطَّيَرَانِ فِي الْهَوَاءِ، وَالْمَشْيِ عَلَى الْمَاءِ.

الرَّابِعُ: عَلَى جِنْسِ الْمَقْدُورِ فِي الْعَادَةِ وَلَكِنْ لَمْ يَخْلُقْ اللَّهُ لِلْعَبْدِ قُدْرَةً عَلَيْهِ، وَمِنْ هَذَا جَمِيعُ الطَّاعَاتِ الَّتِي لَمْ تَقَعْ، وَالْمَعَاصِي الْوَاقِعَةُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُقَدِّرْ الْعَاصِيَ عَلَى تَرْكِ الْمَعْصِيَةِ، وَلَا الْمُمْتَنِعَ مِنْ الطَّاعَةِ عَلَى فِعْلِهَا. وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ قِسْمًا آخَرَ، وَهُوَ تَكْلِيفُ الْقَاعِدِ الْقِيَامَ وَالْقَائِمِ الْقُعُودَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقُدْرَةَ مَعَ الْفِعْلِ، وَهَذَا رَاجِعٌ إلَى عَدَمِ الْقُدْرَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>