وُلِدَ كَافِرًا، وَلَا أَقُولُ كَافِرًا، بَلْ بَيْنَ كَافِرَيْنِ بِحَيْثُ يُحْكَمُ لَهُ بِالْكُفْرِ الظَّاهِرِ، وَجُنَّ قَبْلَ بُلُوغِهِ، وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ حَتَّى صَارَ شَيْخًا وَمَاتَ عَلَى حَالِهِ دَخَلَ النَّارَ. كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوِيهِ " وَقَالَ: إنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ مَنْقُولًا.
وَفِيمَا قَالَهُ أَخِيرًا نَظَرٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ لَهُ حَالَةُ تَكْلِيفٍ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّبِيِّ يَمُوتُ فِي صِبَاهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ فِي حُكْمِ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ فِي الْآخِرَةِ.
[الْفَرْعُ] الثَّانِي
إذَا قُلْنَا: إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ، فَهَلْ يَجْرِي فِي حَقِّهِمْ التَّخْفِيفَاتُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ رَفْعِ الْإِثْمِ الْمُخْطِئِ وَالنَّاسِي مِنْهُمْ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» اخْتِصَاصُهُ بِالْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ تُفَسَّرَ الْأُمَّةُ بِأُمَّةِ الدَّعْوَةِ لَا أُمَّةُ الْإِجَابَةِ، لَكِنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ إنَّمَا تَكُونُ كَفَّارَةً لِأَهْلِهَا إذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ. وَالطُّهْرَةُ إنَّمَا هِيَ فِي حَقِّهِ كَالدُّيُونِ اللَّازِمَةِ، وَلِذَلِكَ تَلْزَمُهُ بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَنَحْوِهَا وَلَا يَزُولُ عَنْهُ بِهَا الْإِثْمُ.
[الْفَرْعُ] الثَّالِثُ [هَلْ يُوصَفُ مَالُ الْكَافِرِ عَلَى الْكَافِرِ بِالْحُرْمَةِ؟]
هَلْ يُوصَفُ مَالُ الْكَافِرِ بِالْحُرْمَةِ إذَا قُلْنَا: إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ؟ تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ الْقُشَيْرِيّ بِنَاءً عَلَى نَقْلِهِمْ: أَنَّ فَائِدَةَ الْخِطَابِ إنَّمَا تَظْهَرُ فِي الْآخِرَةِ لَكِنَّا قَدْ بَيَّنَّا فَسَادَهُ، ثُمَّ مَالَ إلَى التَّحْرِيمِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَحْكِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute