للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَنَقُولُ: فِعْلُ الْمُكَلَّفِ يَنْقَسِمُ بِانْقِسَامِ الزَّمَانِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مَاضٍ وَحَالٍ وَمُسْتَقْبَلٍ.

أَمَّا بِاعْتِبَارِ الِاسْتِقْبَالِ فَلَا شَكَّ أَنَّ الْفِعْلَ يُوصَفُ بِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ قَبْلَ وُجُودِهِ قَطْعًا سِوَى شُذُوذٍ مِنْ أَصْحَابِنَا. كَذَا قَالَ الْآمِدِيُّ. وَهَذَا أَحَدُ شِقَّيْ مَا اخْتَارَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَنَصْبُ مَحَلِّ النِّزَاعِ مَعَ الْمُعْتَزِلَةِ، فَقَالَ: ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ إنَّمَا يَصِيرُ مَأْمُورًا حَالَةَ زَمَانِ الْفِعْلِ، وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ أَمْرًا بَلْ إعْلَامٌ لَهُ بِأَنَّهُ فِي الزَّمَانِ الثَّانِي سَيَصِيرُ مَأْمُورًا. وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ: إنَّمَا يَكُونُ مَأْمُورًا بِالْفِعْلِ قَبْلَ وُقُوعِهِ. ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْتَنَعُ كَوْنُهُ مَأْمُورًا حَالَ حُدُوثِ الْفِعْلِ وَظَنَّ الْعَبْدَرِيُّ فِي " شَرْحِ الْمُسْتَصْفَى " الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَقَالَ: أَثْبَتَ الْمُعْتَزِلَةُ وَنَفَاهُ الْأَشْعَرِيَّةُ، فَالْقَائِمُ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ قَادِرٌ عَلَى الْقُعُودِ، وَعِنْدَ الْأَشْعَرِيَّةِ غَيْرُ قَادِرٍ، وَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ، فَإِنَّ مُرَادَ الْمُعْتَزِلَةِ: قَادِرٌ بِالْقُوَّةِ، وَمُرَادُ الْأَشْعَرِيَّةِ: قَادِرٌ بِالْفِعْلِ وَلَا يَصِحُّ إلَّا كَذَلِكَ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا. اهـ.

وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ ": وَأَمَّا تَقَدُّمُ الْأَمْرِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>