فَالتَّطْلِيقُ الْمُرَادُ بِهِ تَحْصِيلُ الْفِعْلِ سَوَاءٌ كَانَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنِيَابَةٍ أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْفِقْهِ وَهَذَا مِنْ الثَّانِي. وَحَتَّى تَنْكِحَ: الْمُرَادُ بِهِ الْإِسْنَادُ الْحَقِيقِيُّ الْمُتَعَلِّقُ بِالْفَاعِلِ.
وَأَمَّا الْعِبَادَاتُ: فَلَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ وَسِيلَةً أَوْ تُقْصَدُ، فَإِنْ كَانَتْ وَسِيلَةً فَلَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ وَسِيلَةً تَبْعُدُ عَنْ الْعِبَادَةِ جِدًّا أَوْ تَقْرُبُ مِنْهَا جِدًّا، فَإِنْ كَانَتْ تَبْعُدُ جِدًّا، كَتَحْصِيلِ التُّرَابِ وَالْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ، وَالصَّبِّ عَلَيْهِ فَالْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ دُخُولِ النِّيَابَةِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَقْرُبُ مِنْهَا جِدًّا، فَإِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهَا الْقَصْدُ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ. فَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ كَتَوْضِئَةِ الْغَيْرِ لَهُ أَوْ تَغْسِيلِهِ، فَالْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ الدُّخُولِ.
وَأَمَّا الْقَصْدُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بَدَنِيًّا مَحْضًا أَوْ مُتَرَدِّدًا بَيْنَهُمَا. فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ اُمْتُنِعَتْ النِّيَابَةُ، كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ رَكْعَتَا الطَّوَافِ تَبَعًا لِلْحَجِّ، وَكَذَا الصَّوْمُ عَنْ الْمَيِّتِ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ. وَإِنْ كَانَ مَالِيًّا مَحْضًا كَالزَّكَاةِ دَخَلَتْ النِّيَابَةُ فِي تَفْرِيقِهِ، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْوَسِيلَةَ، إذْ الْمَالُ هُوَ الْمَقْصُودُ، وَإِنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَهُمَا كَالْحَجِّ جَازَ عِنْدَ الْيَأْسِ وَالْمَوْتِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْفِقْهِ.
وَأَمَّا اللُّغَوِيَّاتُ: فَإِنَّ حَقِيقَتَهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مَصْرُوفَةٌ إلَى مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْفِعْلُ حَيْثُ لَمْ يَبْقَ مَا يَعُمُّ الْمَجَازَ، وَلَا تُعْتَبَرُ الْعَادَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ، لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ رَافِعَةً لِلْحَقِيقَةِ لِتَأْدِيَةِ ذَلِكَ إلَى النَّسْخِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ مُخَصَّصَةً عَلَى طَرِيقَةٍ، وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ مَعَنَا حَقِيقَتَانِ دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ أَنْ يَجْعَلَهُمَا مُشْتَرِكَيْنِ اشْتِرَاكًا لَفْظِيًّا، أَوْ يَأْخُذُ بَيْنَهُمَا قَدْرًا مُشْتَرَكًا، فَهُنَا يُقَالُ: الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ أَوْلَى، وَأَمَّا فِي حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ فَلَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute