أَبِي نَشِيطٍ بِخِلَافٍ عَنْهُ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى التَّقْرِيبِ مِنْ غَيْرِ إفْرَاطٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى مِقْدَارِ مَذَاهِبِهِمْ مِنْ التَّحْقِيقِ وَالْحَذْفِ. اهـ.
فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ أَصْلَ الْمَدِّ مُتَوَاتِرٌ، وَالِاخْتِلَافُ وَالطُّرُقُ إنَّمَا هُوَ فِي كَيْفِيَّةِ التَّلَفُّظِ. وَكَانَ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) يَقْرَأُ بِمَدَّيْنِ طُولِيٍّ لِوَرْشٍ وَحَمْزَةَ، وَوَسَطِيٍّ لِمَنْ بَقِيَ، وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ كَرِهَ قِرَاءَةَ حَمْزَةَ لِمَا فِيهَا مِنْ طُولِ الْمَدِّ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ: لَا تُعْجِبُنِي، وَلَوْ كَانَتْ مُتَوَاتِرَةً لَمَا كَرِهَهَا. إلَّا أَنْ يُقَالَ. إنَّمَا كَرِهَ كَيْفِيَّتَهَا لَا أَصْلَهَا. وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى أَصْلِ الْإِمَالَةِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي حَقِيقَتِهَا مُبَالَغَةً وَقِصَرًا، فَإِنَّهَا عِنْدَهُمْ قِسْمَانِ: مَحْضَةٌ، وَهِيَ أَنْ يَنْحَى بِالْأَلِفِ إلَى الْيَاءِ، وَبِالْفَتْحَةِ إلَى الْكِسْرَةِ، وَبَيْنَ بَيْنَ، وَهِيَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْأَلِفَ وَالْفَتْحَةَ أَقْرَبُ وَهِيَ أَصْعَبُ الْإِمَالَيْنِ، وَهِيَ الْمُخْتَارَةُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ، وَكَذَلِكَ تَخْفِيفُ الْهَمْزَةِ أَصْلُهُ مُتَوَاتِرٌ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَيْفِيَّتِهِ. وَأَمَّا الْأَلْفَاظُ الْمُخْتَلَفَةُ فِيهَا بَيْنَ الْقُرَّاءِ فَهِيَ أَلْفَاظُ قِرَاءَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْمُرَادُ تَنَوُّعُ الْقُرَّاءِ فِي أَدَائِهَا، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَرَى الْمُبَالَغَةَ فِي تَشْدِيدِ الْحَرْفِ الْمُشَدَّدِ، فَكَأَنَّهُ زَادَ حَرْفًا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى الْحَالَةَ الْوُسْطَى، فَهَذَا هُوَ الَّذِي ادَّعَى أَبُو شَامَةَ عَدَمَ تَوَاتُرِهِ، وَنُوزِعَ فِيهِ، فَإِنَّ اخْتِلَافَهُمْ لَيْسَ إلَّا فِي الِاخْتِيَارِ، وَلَا يَمْنَعُ قَوْمٌ قَوْمًا.
مَسْأَلَةٌ [يَجُوزُ إثْبَاتُ قِرَاءَةٍ حُكْمًا لَا عِلْمًا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ]
قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي الِانْتِصَارِ ": قَالَ قَوْمٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute